بقلم:عمرو الشوبكي
شاهدت العرض الخاص لفيلم الإسكندرانى، الأسبوع الماضى، للمخرج الكبير خالد يوسف، والذى استوحى قصته من أسامة أنور عكاشة، وبحضور عدد كبير من السياسيين والإعلاميين والنقاد. الفيلم رائع، ويستحق المشاهدة، ويحكى قصة معلم إسكندرانى، صاحب وكالة لبيع السمك، يُعرف بـ«الجدعنة» والشهامة، ويراعى البسطاء، ويتساهل مع المتعثرين فى تسديد الديون، ويُدير معه الوكالة ابن شقيقه، المخلص فى عمله، والذى يحرص على أموال عمه، فيتشدد فى مطالبة صغار التجار «السَّرِّيحة» فى الدفع، حتى لو كانوا على باب الله. أما ابنه، فقد توترت علاقته بأبيه المعلم، بعد أن طرده من المحل، وضربه أمام الناس لأنه أخذ نقودًا من خزينة المحل، ولم يستطع ردها، وذهب بعدها إلى إيطاليا، وانضم إلى المافيا، وسرق ماسًا، كان مُهرَّبًا بين عصابات، واستطاع بعدها أن يعود إلى مصر، بعد أن أصبح من الأثرياء، ليكتشف أن ابن عمه تزوج وأنجب من الفتاة التى كان يحبها الابن، وأن رسائله التى أرسلها إلى أبيه «صادرها» ابن عمه، ليدخل الفيلم فى منعطف درامى مثير.
الفيلم متقن سينمائيًّا، ومثير فى أحداثه، وغاص بشكل متقن فى عرض تفاصيل النفس البشرية، وكيف تتحول مشاعر الغيرة إلى انتقام، وكيف يمكن لأب أن يتنازعه نوعان من المشاعر تجاه ابنه، مشاعر الأبوة الجارفة بما تمثله من حب وعطاء، ومشاعر الحنق والغضب، الذى يصل إلى نوع من الكراهية.
مسألة الأصالة والحداثة، أو بالأحرى مدعى الحداثة، تظهر فى أعمال أسامة أنور عكاشة بصور مختلفة، وحضرت أيضًا بقوة فى هذا الفيلم، صحيح أن مسلسلاته السابقة كان الكثير منها يعكس الصراع بين القديم الأصيل والجديد المُحمَّل بكراهية التراث والمعانى الجميلة، والذى يعتمد على الغش والكذب والبلطجة.
هذه الثنائية حضرت فى هذا الفيلم، واتضحت فى الفارق بين سلوك الأب وقيمه وبين سلوك ابنه، فالأول يحمل قيمًا أصيلة متراجعة أمام قيم «المافيا»، التى تحمل قشرة حداثة فى الشكل وليس الجوهر.
بقى أن أقول إن الفيلم شارك فيه نجوم كثيرون، واكتشفت أنى لم أعرف منهم إلا حسين فهمى، رغم حرصى المستمر على مشاهدة عشرات الأفلام المصرية فى السنوات الأخيرة على ضوء أسماء مخرجيها، ولذا اندهش أحد الزملاء الذى جلس بجوارى حين قلت له مَن أحمد العوضى، (بطل الفيلم)، وهل هو قريب المحامى المعروف طارق العوضى؟، فقال لى: هو نجم شاب مشهور جدًّا، وأنت على قديمه، أما بيومى فؤاد فقد عرفته بعد الانتقادات التى تعرض لها عقب تصريحاته الشهيرة فى السعودية.
لفت نظرى أيضًا حضور أعداد كبيرة من «البودى جاردات»، بمصاحبة بعض الفنانين، وهو مشهد لم نعتده مع النجوم السابقين، فهل هذا يرجع إلى منظرة كدابة صورها الفيلم بإتقان أم بسبب تغير فى سلوك الجمهور أم سلوك الفنانين أم الاثنين معًا؟.