هشام جنينة

هشام جنينة

هشام جنينة

 عمان اليوم -

هشام جنينة

بقلم : عمرو الشوبكي

التحول الذى شهدته قضية المستشار هشام جنينة مثير للحزن والأسى، فقد تصور الكثيرون أن قضيته ستقف عند حدود إقالته من موقعه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات، ولكنها وصلت إلى تقديمه للمحاكمة، ثم فصل ابنته بشكل تعسفى من وظيفتها بالجهاز، فى خروج فج عن الحدود التى عرفناها فى إدارة الدولة المصرية لخصومتها، حين كان الأبناء والبنات خطا أحمر لا ينالهم انتقام أو بطش.

والحقيقة أن أزمة المستشار النزيه والمحترم هشام جنينة لها أكثر من وجه اختزلت فى جانبها السياسى، وغيّب جوهرها المهنى الخاص بحجم الفساد، سواء كان 600 أو 200 مليار جنيه، بما يعنى أن هناك مشكلة اسمها الفساد عجزت الدولة حتى الآن عن مواجهتها بخطة إصلاحية مدروسة، لا بشعارات عامة أو لقطات تليفزيونية يقودها، كما الأفلام، رجال عربات الدفع الرباعى، متصورين أن القبض على وزير أو مستشار وزير سيحل مشكلة الفساد.

والحقيقة أن الفساد فى مصر منظومة متكاملة، يعيش عليها ملايين البشر، صحيح أن الأطراف والمؤسسات الأقوى تستفيد من الفساد أكثر من الأضعف، وأن استثناء أى فرد أو مؤسسة من الرقابة ومحاربة الفساد يعد دليلاً على عدم جدية الدولة فى محاربته.

والحقيقة أن ما جرى مع المستشار هشام جنينة لا يخدم حديث الدولة عن محاربة الفساد، فمن حقها أن تغضب من تصريحاته حول رقم الفساد وتعتبره خطأ، وأن توقيت خروجه غير مناسب، وطريقة تعامله مع الإعلام مبالغ فيها، ولكن ليس من حق البعض أن يفتشوا فى نوايا الرجل ويعتبروه سيئ النية والمقصد، ومدفوعاً من الإخوان لإحراج النظام والإضرار بوضع مصر الدولى، (وهو تعبير فضيحة، لأن الإضرار بوضع مصر الدولى يرجع لزيادة معدلات الفساد لا الحديث عنه)، ويجبروا الجميع على ترك القضية الأساسية وهى خطة الحكومة فى مواجهه الفساد المنظم والمؤسسى لا إقالة جنينة ومحاكمته.

إن الهجمة على جنينة أتمنى ألا تخرج عن التقاليد التى عرفناها فى كل نظمنا غير الديمقراطية، فمنذ عهد عبدالناصر حتى مبارك كانت دائماً هناك حدود للقمع وللتنكيل بالخصوم، وأى خروج عن تلك الحدود، كما جرى فى نهايات عهد السادات باعتقال كل رموز الطيف السياسى أو فى نهايات عهد مبارك مع تزوير الـ99% «حزب وطنى» على يد أحمد عز، كانت النهايات المؤلمة.

ثقة جنينة وثقتنا فى القضاء المصرى قائمة رغم كل ما يقال على مواقع التواصل الاجتماعى والصحف الأجنبية، فالقضاء الذى سيمثل أمامه المستشار جنينة قضاء عريق وله تقاليد لن تؤثر فيها أهواء السياسة.

قضية جنينة هى فى مساحة رمزية صعبة وخطرة، فقد تكلم الرجل عن الفساد (حتى لو أخطأ فى أرقامه) فوجده الناس محالاً للمحاكمة بدلاً من الفساد والفاسدين.

ستبقى الأزمة الحقيقية فى أن تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، الذى أصدره جنينة، مس مؤسسات سيادية، خاصة الداخلية، وهى لاتزال بمثابة صندوق أسود مغلق غير مسموح لأى جهة رقابية أو غير رقابية بأن تقترب منها، وبالتالى فقد خرج عن الخطوط الحمراء التى جرى العرف، وليس القانون، على عدم التعرض لها.

ولأسباب كثيرة فمصر لا يتسامح نظامها السياسى مع أى اقتراب من هذه المؤسسات، خاصة عقب اللغط الذى أثارته أرقام جنينة، وهو ما أدى لإقالته (كان متوقعاً من جانبنا)، أما إحالته للمحاكمة فهو أمر لم يكن متوقعاً ويخرجنا عن الحدود التى تعودنا عليها فى إدارة الدولة لأى خلاف مع خصومها.. فلا تذهبوا بعيداً لأننا بذلك نهدر إنجازات تحدث، ونقضى على فرص إصلاحات جراحية عاجلة ومطلوبة.

omantoday

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 19:24 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 10:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هشام جنينة هشام جنينة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab