بقلم - عمرو الشوبكي
قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية فى دمشق، وقتلت 11 شخصًا، منهم 8 إيرانيين وسوريان ولبنانى، وبينهم محمد رضا زاهدى أحد قادة فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى.
وردت إيران أمس الأول بإطلاق ٣٠٠ صاروخ وطائرة مُسيرة أصابت قاعدة عسكرية إسرائيلية إصابات طفيفة، وأصابت شخصًا واحدًا بما يعنى أن الهجوم لم يحقق إصابات تُذكر.
والحقيقة أن حسابات الرد الإيرانى كانت فى غاية الصعوبة والتعقيد، فهى ترغب فى الرد ولا ترغب فى أن يؤدى هذا الرد إلى حرب شاملة مع إسرائيل، لأن أى حرب نظامية أو شبه نظامية بين الجانبين ليست فى صالح إيران، وإذا دخلت إيران فى حرب مدن ومنشآت حيوية فإن الدعم الأمريكى غير المشروط لتل أبيب سيجعلها فى وضع متفوق على طهران.
صحيح أن إيران تمتلك ورقة «الأذرع» فى العالم العربى، ولكنها جميعًا لديها حسابات داخلية تجعلها فى وضع لا يسمح بسهولة بالدخول فى حرب مفتوحة مع إسرائيل، خاصة حزب الله والتنظيمات الشيعية المسلحة فى العراق.
فحزب الله يعرف أن الغالبية العظمى من اللبنانيين لا يرغبون فى الدخول فى حرب ضد إسرائيل، بل إن جانبًا معتبرًا من الحاضنة الشعبية الشيعية لحزب الله لا تريد تكرار مآسى حرب 2006 التى دُمرت فيها أجزاء كبيرة من الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله.
أما العراق فإن زيارة رئيس الوزراء العراقى لواشنطن من أجل دعم التهدئة الداخلية ونسج علاقة تحالف استراتيجية جديدة مع أمريكا، تجعل العراق الرسمى فى وضع رافض للدخول فى أى حرب مع إسرائيل، أما التنظيمات العراقية المسلحة فهى ليس لديها حدود مع إسرائيل ولم يكن دورها مؤثرًا فى أى معركة معها حتى لو استهدفت بعض القواعد الأمريكية.
يبقى الحوثى وحده فى ظل الواقع اليمنى الحالى القادر على التحرك بحرية، ويمكنه أن يطلق صواريخ على إسرائيل أو يعطل حرية الملاحة فى البحر الأحمر، ولكنه فى كلتا الحالتين لن يكون مؤثرًا أو قادرًا على أن يحل مكان الإيرانيين فى القيام برد.
لم يكن أمام إيران إلا أن ترد بنفسها على الاعتداء الإسرائيلى وهو رد يجب أن يكون دقيقًا «بالشعرة» لأنه سيرغب فى استهدافها بشكل مباشر بحيث يقنع جمهورها وحلفاءها بقوة الرد، وفى نفس الوقت لا يؤدى إلى حرب شاملة.
الرد الإيرانى من حيث تأثيره الفعلى على الأرض كان محدودًا، فى حين أن دلالاته الرمزية كانت قوية، فهى من المرات القليلة التى تنجح فيها دولة فى «إمطار» إسرائيل بوابل من المُسيرات والصواريخ فى إطار حروب الردع المتبادل وليس فى إطار حرب شاملة، وهو أمر يكسر الهيبة التى أضفتها إسرائيل حول نفسها، ويجعلها فى وضع قد تضطر فيه بفعل الضغوط الأمريكية إلى عدم الرد على الهجوم الإيرانى.