بقلم - عمرو الشوبكي
يعيش العالم العربى واحدا من أسوأ عصوره، جعله يتفرج على كل ما يجرى فى فلسطين ببرود شديد، ولأن هناك ضحايا يسقطون كل يوم فى الأراضى العربية بأيدى جماعات إرهابية ونظم استبدادية فاقوا ضحايا الصراع العربى الإسرائيلى، ويكفى أن سورية الجريحة سقط فيها بمفردها فى 7 سنوات حوالى نصف مليون قتيل، متجاوزين ضحايا كل الحروب العربية الإسرائيلية مجتمعة منذ 1948 حتى الآن.
ومع ذلك فإن واقعنا العربى البائس يجب ألا ينسينا أن هناك دولة احتلال مؤذية للجميع، وأن هناك 19 شهيدا فلسطينيا سقطوا فى يوم واحد برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي فى قطاع غزة، لأنهم تظاهروا فى يوم الأرض بشكل سلمى، مذكرين العرب النائمين والعالم غير المهتم بأن هناك شعبا واقعا تحت الاحتلال منذ عام 1948 وأنه لن يتخلى عن حقوقه فى التحرر والكرامة وبناء دولته المستقلة.
ولقد انشغلنا كثيرا بأخطاء حماس وسياستها المراوغة أكثر من انشغالنا بخطايا الاحتلال، فعلينا ألا ننسى سجل إسرائيل الأسود ليس فقط فى استهدافها الأطفال والأبرياء من أبناء الشعب الفلسطينى ولا فى جرائمها بحق الأسرى المصريين إنما فى هذه الغطرسة غير المسبوقة فى التعامل مع قرارات الأمم المتحدة وإلقائها بها فى سلة المهملات حتى أصبحت دولة استثناء فوق القانون والمجتمع الدولى.
إن رفض إسرائيل تشكيل لجنة تحقيق دولية فى جريمتها الأخيرة بقتل 19 متظاهرا أعزل هو امتداد لجرائم سابقة صدر فيها سيل من قرارات مجلس الأمن التى تدين إسرائيل، وتطالبها بالانسحاب من الأراضى التى احتلتها واحترام حقوق المدنيين الفلسطينيين، ومع ذلك لم تستطع أن توقف سياستها العدوانية وخروجها الكامل عن الشرعية الدولية منذ نشأتها حتى الآن.
فقد صدر قرار مجلس الأمن الدولى رقم 237 الصادر فى عام 1967 بتاريخ 14 يونيو، وفيه يدعو مجلس الأمن إسرائيل إلى احترام حقوق الإنسان فى المناطق التى تأثرت بصراع الشرق الأوسط فى 1967 والحاجة الملحة إلى رفع الآلام عن السكان المدنيين وأسرى الحرب فى مناطق النزاع، وتلاه قرار آخر رقم 672 لعام 1990 بتاريخ 12 أكتوبر يدين أعمال العنف التى ارتكبتها قوات الأمن الإسرائيلية فى 8 أكتوبر من عام 1990 فى الحرم القدسى الشريف وأسفرت عن مقتل ما يزيد على 20 فلسطينياً، وإصابة ما يربو على 150 شخصاً بجراح (مدنيين ومصلين أبرياء) تماما مثلما يحدث الآن حين تستهدف إسرائيل المدنيين دون أى قدرة للمجتمع الدولى على إلزامها بالتوقف عن القتل أو حتى التحقيق المستقل فى تلك الجرائم.
من الصعب أن تقنع كثيرا من العرب والفلسطينيين بجدوى الشرعية الدولية، وبقدرة المجتمع الدولى على إنهاء الاحتلال فى ظل عدم احترام إسرائيل لكل ما يصدر عن مجلس الأمن والأمم المتحدة، وهى معضلة كبيرة أمام كثيرين فى العالم العربى المؤمنين حتى الآن بجدوى الانتفاضة الشعبية والمقاومة المدنية أكثر من المقاومة المسلحة، وأيضا بالنضال السياسى والقانونى ضد آخر دولة احتلال فى العالم.
المصدر : جريدة المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع