حدود المقارنة

حدود المقارنة

حدود المقارنة

 عمان اليوم -

حدود المقارنة

بقلم : عمرو الشوبكي

أثارت نتيجة الاستفتاء البريطانى ردود فعل واسعة داخل أوروبا وخارجها، بعضها وصل عندنا حين قارن البعض بين احترام النظم الديمقراطية لإرادة الشعوب حتى لو كانت عكس مواقف حكامها، وبين نظريات الوصاية التى يفرضها الحكام على الشعوب فى معظم بلدان العالم العربى.

ورغم الفروقات المؤكدة بين ما يجرى فى مصر وبين ما جرى فى بريطانيا، وأيضا الفارق بين مجتمع متقدم وديمقراطى، وآخر نامٍ وغير ديمقراطى، بجانب الفروق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية بين كلا المجتمعين، إلا أن هناك بعض الجوانب المتعلقة بنظرة الاستعلاء التى تبطنها نخب كثيرة فى علاقتها بالشعوب، وهى مشكلة عالمية تختلف بين المجتمعات الديمقراطية وغير الديمقراطية فى الدرجة فقط.

لقد بدا تأييد البقاء فى أوروبا وكأنه رسالة الأحزاب الحاكمة، أى الحزبين الكبيرين اللذين تناوبا على حكم بريطانيا، وهما العمال والمحافظين، فقد أيد حزب العمال البقاء، فى حين أن رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميرون، ومعه تيار واسع داخل الحزب أيدا أيضا البقاء، فى حين رفضته القوى الجديدة والاحتجاجية سواء اليسارية أو اليمينية.

والحقيقة أن قرار كاميرون بالاستفتاء على بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبى حكمته قناعة راسخة بأنه سيربح الاستفتاء، وستبقى بريطانيا فى الاتحاد، ولم يكن يتوقع ومعه النخبة الحاكمة أنه يمكن للشعب أن يرفض قراره.

فهناك فى الغرب، كما فى الشرق، مفردات ترددها النخب الحاكمة تتحول إلى ما يشبه المسلمات الثابتة على طريقه الاتحاد قوة والسوق المشتركة والعولمة والتكتلات الاقتصادية، وهناك فى بلادنا شعارات وطنية أو دينية يرددها الحكام أيضا وينظر إليها باعتبارها أيضا من الثوابت التى لا يجب الخروج عليها.

والواقع يقول إن الشعوب فى أحيان كثيرة تتمرد على هذه المسلمات وتفضل أن تصوت عكسها حتى لوكانت فى بعض الأحيان فى غير صالحها، لأنها ترغب فى الخروج على ما يرسمه الحكام والنخب الحاكمة، وحتى لو اكتشفوا بعد فترة ليست بعيدة أن قرارهم كان خاطئا.

من حق الشعوب أن تخطئ، ومن حق السياسيين أن يخطئوا أيضا، ولكن حسابهم يكون من الشعب، فى حين أن خطأ الشعب حسابه من الشعب، وذلك بأن يعرف هو مع الوقت ومع الممارسة أنه أخطأ، وليس من مهمة الحكام أن يربوا شعوبهم «ويعرفوهم غلطهم» إنما أن يضعوا قواعد وقوانين تجعل اختياراتهم الخاطئة قابلة للتصحيح.

والحقيقة أن معظم النخب الحاكمة صوتت بنعم للبقاء فى الاتحاد الأوروبى، فى حين أن لا للبقاء فى الاتحاد الأوروبى وقف معها أغلب النخب الجديدة والتيارات المهمشة وملايين المواطنين الذين اعتادوا ألا يصوتوا فى الانتخابات البرلمانية واختاروا أن يصوتوا فى هذا الاستفتاء.

البعض قارن بين الاستفتاء البريطانى وبين إدارة النخب المدنية فى مصر للاستفتاء الشهير على تعديلات دستور 71 فى 2011، والنظرة الفوقية التى استخدمها الكثيرون فى التعامل مع الناس، وبين نتائج الاستفتاء المصرى التى ذهبت بأغلبية كاسحة عكس ما طالبت به النخب المدنية والإعلامية الناس.

يقيناً نتائج الاستفتاء البريطانى عكست أزمة فى علاقة النخب الحاكمة بالشعب، وهى فى النهاية أزمة عالمية تختلف فى الدرجة من مجتمع متقدم إلى مجتمع نام ولكنها موجودة، ولن تعالج إلا بالتعلم والتدرج فى عملية التغيير، وأعتقد أن كثيرا ممن صوتوا فى بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبى سيكتشفون أنهم أخطأوا فى قرارهم، ولكن فى النهاية الشعب «سيد قراره» دون غيره.

omantoday

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 19:24 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 10:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدود المقارنة حدود المقارنة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab