الجمهورية الجديدة

الجمهورية الجديدة

الجمهورية الجديدة

 عمان اليوم -

الجمهورية الجديدة

عمرو الشوبكي

باتت مصر أمام تحدى بناء الجمهورية الجديدة عقب ما يقرب من 40 عاما من الركود والجمود، وهو ما سيعنى البدء فى وضع برامج ورؤى للتنمية الاقتصادية والسياسية، وسيعنى نظريا (كما نص الدستور الجديد) وعمليا الانتقال إلى نظام رئاسى ديمقراطى (شبه رئاسى) تنزع منه الصلاحيات الفرعونية لمنصب رئيس الجمهورية، وتحدد مدة الرئيس بمدتين غير قابلتين للتمديد، ويتم تغيير القوانين المقيدة للحريات، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب وتأسيس الصحف، وإصلاح المؤسسات الأمنية والأجهزة الإدارية من داخلها، تحويل المؤسسات الإعلامية الحكومية من كيانات مرتبطة بالحزب الحاكم إلى مؤسسات عامة مملوكة للدولة والشعب.

إن الإرث المرحل من جمهورية مبارك ليس هيناً، وإن التخبط والانهيار الذى يعانى منه المصريون فى الكهرباء والصحة والمواصلات يرجع بشكل أساسى إلى «تركة مبارك»، فالرئيس الجديد لم يتسلم بلدا (مثل ما جرى فى بلدان أوروبا الشرقية) يتمتع بنظام تعليمى وصحى متقدم، وخدماته يمكن اعتبارها على الأقل متوسطة المستوى. ولا جامعات تُخرّج علماء ومهنيين أكفاء، ولا مراكز أبحاث متقدمة، ولا ثقافة عامة وفنون رفيعة، وبالتالى لم تكن مشكلة مصر مثل تلك البلدان فى تحويل نظام مهنى كفء من حالة الاستبداد إلى الديمقراطية، إنما فى الحقيقة إلى بناء نظام من جديد فى كل المجالات وليس فقط إتمام عملية التحول الديمقراطى.

إن الجمهورية الجديدة فى حاجة إلى بناء مشاريع سياسية جديدة تكسر أو على الأقل تزحزح كثيرا من الثنائيات الحزبية والأيديولوجية المغلقة التى عرفتها مصر طوال 35 عاما، فكثير من القوى الديمقراطية انحازت للعدالة الاجتماعية وأسست طريقة جديدة فى التفكير والممارسة تختلف عن النمط التقليدى لأداء كثير من الليبراليين فى مصر، ونفس الأمر انسحب على بعض اليساريين حين وضعوا الديمقراطية فى قلب مشروعهم السياسى وليس فقط الاشتراكية والعدالة الاجتماعية.

إن الجمهورية الثانية ستحتاج إلى جهود مضنية من أجل مواجهة مخلفات الماضى وتأسيس نظام سياسى قادر على نقل البلاد خطوات للأمام، فالثورة قطعت نصف الطريق وأسقطت النظام القديم، كما أن النظام الجديد لديه فرصة تاريخية لإنجاز النصف الثانى من المهمة أى بناء نظام سياسى يوفر الطمأنينة والعدالة والحرية لعموم المصريين، وقادر على البناء وصنع مستقبل أفضل.

إن الجمهورية الجديدة قادرة على أن تؤسس لمرحلة جديدة تدمج بين الديمقراطية والتنمية، وهى ليست سهلة، كما يتصور البعض، لأن إرث «المباركية» كان سلبيا فى كل المجالات، بشرط أن تضع معايير وقواعد جديدة تدمج من خلالها القوى السياسية البازغة بصورة تتجاوز المنظومة القديمة والفاسدة.

إن نجاح النظام الجديد مدعوما من الغالبية الساحقة من أبناء الشعب المصرى فى مواجهة سيناريو تفكيك الدولة الذى فى حال تبنته الثورة المصرية، كان سيعنى عدم الاعتراف بالقضاء وتعيين قضاء ثورى واستثنائى وعدم الاعتراف بقادة الجيش لأن النظام الأسبق هو الذى عينهم، وتفكيك جهاز الشرطة لا إصلاحه وإعادة تأهيله، وغيرها من القرارات الكارثية التى علمتنا التجارب السابقة أنها تنتهى إلى اعتبار الجميع عملاء للنظام القديم أو جزءا من الثورة المضادة أو «تحريفيين» خرجوا عن مسار الثورة، وتؤدى بالبلاد إلى كوارث لا تخرج منها وملايين الضحايا.

وإذا كانت مصر قد نجت من هذا المسار، فإن الجمهورية الجديدة مطالبة بأن تعتبر أن تغيير النظام والحفاظ على الدولة لا يعنى إدارتها بنفس الطريقة القديمة، إنما إصلاحها بصورة متدرجة وجراحية، وأن التعثر فى تلك المهمة سيفتح الباب أمام كل الأفكار الفوضوية التى تراهن على تفكيك الدولة، أو تعمل على النيل من هيبتها.

omantoday

GMT 17:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 17:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 17:23 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 17:21 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 17:20 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 17:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 17:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 17:14 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجمهورية الجديدة الجمهورية الجديدة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab