الغطاء السياسى قبل الجوى

الغطاء السياسى قبل الجوى

الغطاء السياسى قبل الجوى

 عمان اليوم -

الغطاء السياسى قبل الجوى

عمرو الشوبكي

قد يكون الغطاء السياسى أكثر أهمية من الغطاء الجوى حتى فى ظل المعارك الحربية، فلا يمكن لدولة أن تحرك جيشها خارج حدودها دون غطاء سياسى (وأحيانا أخلاقى) وإقليمى ودولى. لذا فإن الحديث عن تدخل عسكرى مصرى فى ليبيا دون معرفة ماذا نريد من ليبيا وما هى رسالتنا للعالم العربى، أمر مقلق، وإن نظرية «مسافة السكة» إذا طُبقت دون رؤية سياسية واستراتيجية فستكون نتيجتها وخيمة على مصر وعلى مشروع استعادة الدولة الوطنية المهدد، خاصة أننا نعيش فى ظل حالة من الاستقطاب والانقسام المجتمعى (مصريا وعربيا) غير مسبوقة، وقادرة على تحويل أى فعل غير محسوب خارج الحدود إلى فخ كبير.

أن تتدخل مصر فى ليبيا أو أن تتورط فى عمليات عسكرية واسعة أمر ستكون نتائجه كارثية على مصر، ليس لكون التدخل العسكرى أمرا مرفوضا فى كل الأحوال إنما لكون ليبيا منقسمة على ذاتها سياسيا وقبليا ومناطقيا، فلأى جانب سينحاز التدخل المصرى؟ كما أن مصر ليس لديها مشروع سياسى متبلور واضح المعالم، وليست لديها رسالة سياسية مثلما جرى مع مصر الناصرية حين كان حضورها السياسى فى كل بيت عربى، ومع ذلك لم ينج تدخلها خارج الحدود من مثالب.

أن تهاجم مصر مواقع الجماعات الإرهابية على حدودنا الغربية، كما حدث من قبل، أمر وارد، وأن توقف زحف قوى الإرهاب والجماعات المتطرفة من السيطرة على ليبيا ثم الالتفات إلى مصر أمر مشروع، لكن أن يكون هذا مقدمة لتورط كبير فى ليبيا دون أى تصور سياسى متكامل لما نريد من المنطقة فهذا أمر كارثى.

ضربة مصرية داخل ليبيا محدودة ومحددة، فى حال حدوثها، يجب أن تراعى أولاً رد الفعل الوطنى داخل ليبيا بحيث لا تبدو كأنها هجوم مصرى على ليبيا يُستغل فى تأجيج مشاعر كراهية ضد مصر، كما أنها يجب ألا تتدخل من أجل تغيير التركيبة السياسية فى ليبيا بالقوة المسلحة، فهذا أمر تساعد فيه مصر بالرسالة السياسية من خارج الحدود وليس بالعمل العسكرى من داخل الحدود، فمصر يمكنها أن «تتدخل» ببناء نموذج سياسى ملهم يستفيد منه الليبيون من أجل إعادة بناء الدولة الوطنية، وأن يكون مشروعها محل توافق داخلى وقادرا على الإنجاز الاقتصادى والسياسى.

إن الغطاء السياسى لأى تحرك عسكرى خارج الحدود أمر بديهى، ولم يحدث لأى دولة أن حركت جنديا واحدا دون أن تمتلك غطاء سياسيا بالحق أو بالباطل يغطى تدخلها العسكرى، فأمريكا غزت العراق وقدمت واحدا من أفشل مشاريع التغيير السياسى فى العالم تحت غطاء بناء الديمقراطية وإسقاط الدول الوطنية العربية الاستبدادية، والاتحاد السوفيتى تدخل فى كل بقاع الأرض من أجل الدفاع عن الشيوعية، وتدخل فى أوكرانيا «بالاستفتاء الديمقراطى»، فضم ثلث البلاد (القرم) إلى جمهوريته، وإيران تدخلت تحت غطاء الدفاع عن المستضعفين والثورة الإسلامية، وعبدالناصر تدخل فى الجزائر واليمن والسودان والمغرب والخليج وأفريقيا من أجل الاستقلال والتحرر الوطنى ومواجهة الاستعمار، وحزب الله وحماس من أجل الدفاع عن المقاومة، وإسرائيل ارتكبت مجازر فى غزة لا حصر لها تحت حجة مكافحة الإرهاب.

نعم مصر يمكن أن تهاجم قواعد الإرهابيين فى ليبيا ولكن تدخلها العسكرى الواسع لأنها فقط تمتلك جيشا قويا، دون أن تعرف ماذا تريد سياسيا من العالم العربى، وما هو مشروعها السياسى، ستكون نتائجه شديدة السلبية على مصر وليبيا.. فاحذروا قبل أن تكون النتائج وخيمة.

 

omantoday

GMT 17:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 17:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 17:23 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 17:21 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 17:20 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 17:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 17:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 17:14 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغطاء السياسى قبل الجوى الغطاء السياسى قبل الجوى



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab