عبدالناصر الذى لا يتكرر

عبدالناصر الذى لا يتكرر

عبدالناصر الذى لا يتكرر

 عمان اليوم -

عبدالناصر الذى لا يتكرر

عمرو الشوبكي

فى مثل هذا اليوم منذ 44 عاماً رحل جمال عبدالناصر عن دنيانا عن عمر ناهز الـ52 عاما، تاركا مشروعا فكريا وسياسيا لم يكتمل، وحلما بالوحدة العربية والتقدم لم يجد من يحققه من بعده.

قوة عبدالناصر لا تكمن فقط فى نزاهته الشخصية ولا فى شعبيته الجارفة ولا فى دوره كبطل تحرر وطنى، إنما فى تفرده بالقدرة على تقديم مراجعة نقدية واعتراف بالخطأ عقب هزيمة 67 وتقديمه استقالته.

صحيح أن ثورة عبدالناصر لم تكن ديمقراطية، وأسست نظاما غير ديمقراطى قام على الحزب الواحد، وتساوى مع زعماء العالم الثالث «المدنيين» و«العسكريين» الذين أسسوا لنظام الحزب الواحد أيضاً، متصورين أن مواجهة الاستعمار فى الخارج وتحقيق التنمية فى الداخل، يتطلبان نظماً تعبوية من هذا النوع، وبدت الهند استثناءً واضحاً من كل تجارب التحرر الوطنى بتأسيسها تجربة ديمقراطية لم تخلُ من مشكلات أيضاً.

عبدالناصر لم يقم نظاما غير ديمقراطى لأنه «عسكرى» كما يردد البعض نتيجة «العمى الأيديولوجى»، وتصفية الحسابات مع ثورة يوليو وعدم قراءة الواقع على حقيقته وليس كما تتخيله الأوهام السياسية المسبقة.

فقد أسس الرجل تنظيم الضباط الأحرار، وهو فى بداية الثلاثينيات من عمره ضارباً القواعد المتعارف عليها فى أى مؤسسة عسكرية منضبطة، لا تقبل بل ولا تتسامح مع أى تنظيمات سرية تخترق صفوفها، وتعامل مع قوى سياسية متعددة من شيوعيين وليبراليين وإخوان مسلمين، وقام بثورة ضد النظام القائم وأيضا فى مواجهة قادته العسكريين، وهو أمر يضع تحركه فى صورة التنظيم الثورى الذى قلب نظام حكم وليس انقلابا عسكريا.

إن تجارب الانقلابات العسكرية تقوم على قيام قيادة الجيش بتحريك قواتها بالأمر العسكرى لتغيير نظام قائم، وليس قيام تنظيم سرى يقوده صغار الضباط بتحرك عسكرى محدود ضد قادتهم العسكريين والنظام القائم مثلما فعل عبدالناصر وتنظيمه الضباط الأحرار.

عبدالناصر كان حالة ثورية استخدمت وسائل متكررة فى عصرها، وهى اختراق التنظيمات السياسية للجيوش فى كل دول العالم الثالث وإجراء تغييرات ثورية فى بنية النظام القائم، صحيح أن هذه الوسيلة اختفت تقريبا من العالم وأصبحت الجيوش تدخل فى أحيان استثنائية فى المسار السياسى، كما حدث مؤخرا فى مصر بإرادة أغلب المصريين، أو فى تايلاند وباكستان نتيجة فشل الأحزاب، وهو مشهد يختلف تماما عما جرى فى عهد عبدالناصر.

المؤكد أن نجاح الجيوش الحديثة المنضبطة فى منع اختراق التنظيمات السياسية لها أمر إيجابى، وتحول الجيش المصرى على يد عبدالناصر بعد 67 إلى جيش وطنى محترف قد ساهم بشكل حاسم فى انتصاره فى 73.

عبدالناصر لن يتكرر، ليس فقط لصفاته الشخصية، إنما أساسا لأن الظروف التى صاحبت عصره تختلف جذريا عن الظروف الحالية، فتربيته السياسية وإيمانه بالتغيير الثورى (عرف الثورة بأنها علم تغيير المجتمع)، وامتلاكه أساسا لمهارات السياسى أمر لم يعد متاحا فى الجيوش الحديثة المنضبطة، وهو ما جعله منذ اليوم الأول يمتلك مشروعا سياسيا محدد المعالم طوره مع الوقت وعدل فيه وراجعه.

لن يستنسخ عبدالناصر جديد، وفشل كل من حاول القيام بتلك المهمة من السابقين واللاحقين، لأنه ابن عصره، وإن كان سيظل ملهماً للكثيرين كقائد تحرر وطنى وبطل قومى نادر.

omantoday

GMT 19:15 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الغرب يخطئ مرتين في سوريا

GMT 19:13 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لبنان والمسألة الثقافيّة قبل نكبة «حزب الله» وبعدها

GMT 19:12 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حب وزواج في زمن الحرب

GMT 19:11 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود المياه لمجاريها بين الجماعتين؟

GMT 19:09 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نظرة على الأزمة السورية

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بلاد الشام... في الهواء الطلق

GMT 19:07 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: بدء موسم المبادرات

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبدالناصر الذى لا يتكرر عبدالناصر الذى لا يتكرر



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 عمان اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 عمان اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 21:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 عمان اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab