لسنا طوائف

لسنا طوائف

لسنا طوائف

 عمان اليوم -

لسنا طوائف

عمرو الشوبكي

يصدمك البعض حين تتحدث عن شهداء الجيش والشرطة وتضحياتهما، فيعتبر ذلك نوعاً من نفاق مَنْ فى السلطة، وحين تكتب دفاعاً عن مؤسسات الدولة الوطنية حين كانت الموضة هى «يسقط حكم العسكر» وخطاب المراهقة الثورية فأنت من عبيد العسكر أو دولجى غير ديمقراطى، وحين تكتب عن الشهيدة شيماء الصباغ وغيرها، وترفض انتهاكات بعض رجال الشرطة أو عن ضحايا رابعة من غير المسلحين، فينبرى كثيرون بالرد عليك أين ضحايا الشرطة والجيش، وينسى أو يتناسى أنك قلت مائة مرة إن شهيد رابعة الأول هو ضابط شرطة فى عمر الزهور أطلق عليه النار عنصر إرهابى من جماعة الإخوان المسلمين، وإذا تحدثت عن ضحايا العنف والإرهاب من الأقباط تجد من يرد عليك، وهل نسيت ضحايا المسلمين فى أوروبا والغرب، ويدور لك عن مائة ضحية حتى يصل إلى بورما والروهينجا.

والحقيقة أنى كتبت عن الدولة الوطنية وعن شهداء الجيش والشرطة حين خشى البعض من مزايدات المراهقة الثورية التى سيطرت فى وقتها على المجال السياسى والإعلامى، تماماً مثلما يخشى كثير من المؤيدين الآن رفض انتهاكات الأجهزة الأمنية لأن الموجة السائدة هى الدعم والهتاف للدولة ومؤسساتها، وخوفاً من «ألتراس التطبيل» والشتائم المسيطر.

والحقيقة أن أسوأ ما شهدته مصر فى الفترة الأخيرة هو هذا التشفى والكراهية، ليس فقط فى مصائب المنافسين والخصوم إنما رفض مجرد نقاش أن هناك ضحايا أبرياء من كل طرف، فهناك ضحايا للشرطة وهناك ضحايا من الشرطة، وهناك مئات الشهداء المنسيين من رجال الجيش لم يذكرهم الكثيرون لأنهم ليسوا نشطاء ولا سياسيين ولا من أهل الفن والإعلام، وهناك عشرات الشهداء الأقباط الذى سقطوا ضحية إرهاب الجماعات التكفيرية وغابوا تقريبا عن الحديث الإعلامى.

مدهش هذه الحالة التى أصابت قطاعاً يعتد به من المصريين الذى يتعامل مع جراح المجتمع بالقطعة، فإذا كان الضحية معنا ومن جماعتنا فنتحدث عنه ونأسف له، أما إذا كان خصماً لنا فنشمت فيه دون أن نفكر ما إذا كان ضحية بريئة لم تحمل السلاح، أم مذنباً حرض أو مارس العنف، وأن الكتابة عنه لا تعنى تجاهل باقى ضحايا المجتمع المصرى.

والحقيقة أن الخطر لم يعد قاصرا فقط على التمييز بين المصائب والبشر، إنما فى تحويل أى خلاف أو صراع مصالح إلى حروب طوائف حقيقية، حتى باتت تعرض المجتمع كله لأخطار جسيمة.

فحين تجاهل البعض الأبعاد السياسية لمعركة بعض أمناء الشرطة مع بعض الأطباء حولت إلى معركة طوائف بين الداخلية ومهنة الطب، وبين التفوق والـ50% وفق نظرية فاشلة يرددها البعض.

صراعات الطوائف والقبائل هيمنت على المجتمع، فكل شخص يرتكب جريمة أو خطأ فإن طائفته تدافع عنه ظالما أو مظلوما، وتبرر له فعله مهما كان حتى وصل الأمر بوضع صور «فوتوشوب» لممثله مغمورة بزى فاضح حتى تبرر بعض الصفحات المحسوبة على الشرطة اتهام أحد الضباط بالاعتداء عليها، فى مأساة أخلاقية ومهنية صادمة.

إذا اعتبرنا أن تجاهل الانقسامات وصراع المصالح الموجودة داخل المجتمع المصرى- مثل كل مجتمعات الدنيا- سيجعلنا «يدا واحدة» فنحن نرتكب خطأ كبيرا، لأن مجتمعنا مثل العالم فيه عمال ورأسماليون، وشرطة وأطباء ومهندسون ومهنيون وفنيون، ولا يجب أن نعتبر خطأ فرد من هؤلاء يتطلب استدعاء قبيلته الفئوية كلها للوقوف خلفه وتبرير فعلته.

مطلوب نظام سياسى يضع القواعد القانونية الشفافة لتنظيم هذه الصراعات سلمياً، ولا يجب أن يتركها تتفاقم حتى تتحول لحروب طوائف تحرق الأخضر واليابس.

omantoday

GMT 21:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 21:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 21:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 21:53 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 21:52 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 21:51 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 21:50 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الديمقراطيين والجمهوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لسنا طوائف لسنا طوائف



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab