مكرم محمد أحمد
أيا كان حجم النجاح الذى حققته مصر فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فالامر المؤكد أن تأثيره يقف فقط عند حدود تغيير المناخ الدولى الذى أحاط بمصر بعد ثورة 30 يونيو، وهذا فى حد ذاته إنجاز كبير، لكن تغيير واقع مصر إلى الافضل و زيادة حجم الرضا العام فى المجتمع المصرى يظل رهنا بقدرة المصريين على تغيير واقعهم الصعب، واحداث تحسن يومى فى حياتهم يقلل من مصاعب الحصول على حاجات الشعب الاساسية، ويحسن ظروف البيئة المتداعية التى تؤثر سلبا على صحتهم، وتزيد من احساس المواطن بكرامته داخل بلده، وذلك لن يتحقق إلا باستمرار التركيز على الداخل،والموازنة الصحيحة بين اهتمام مصر بمشكلاتها الداخلية وسعيها إلى تحقيق دور خارجى يؤكد مكانتها وهويتها.
صحيح أن هناك نوعا من التكامل بين الجهدين، وأن النجاح فى الداخل غالبا ما ينتج نجاحا فى الخارج والعكس صحيح، لكن الاوضاع الراهنة فى مصر تفرض على الحكم ان يركز غالبية جهده على الداخل، لان حجم المطلوب ضخم وكبير، ابتداء من إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها اعتمادا على قدرة الشعب المصرى على حسن الاختيار، إلى إحداث ثورة تشريعية تجعل البنية القانونية للبلاد أكثر توافقا مع دستورها الجديد، تغلق أبواب الفساد، وتضمن دقة المتابعة والمساءلة والحساب فى مواجهة استشراء التسيب والاهمال، إضافة إلى النهوض ببرنامج تنمية طموح يشمل محور القناة وتنمية سيناء وتوسيع نطاق محافظات الدلتا والصعيد بما يساعد على إيجاد المزيد من فرص العمل.
أعرف أنه فى بلد يملك هذا الموقع الجغرافى الفريد الذى يشكل صرة العالم، يتحتم على مصر أن تكون جزءا من عالمها المتغير، لكن ذلك لا يبرر تكريس الجهد الاكبر لمشكلات الخارج على حساب الداخل خاصة فى النسق الأعلى للحكم..،ولان دور الرئيس فى السياسة المصرية مهم وأساسى وحاسم، فإن احوال مصر الداخلية يمكن أن تتحسن سريعا وعلى نحو مضطرد متى كرس الرئيس جهده الاكبر لمتابعة الداخل.