مكرم محمد أحمد
بعد نجاحهم الرائع قبل شهرين فى طرد قوات داعش من مدينة كوبانى (عين العرب) المدينة الكردية على حدود تركيا وسوريا، وتكبيدهم داعش هزيمة مهينة رغم الصعوبات التى اختلقها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لتعويق وصول المقاتلين الأكراد الى كوبانى، نجح الأكراد السوريون فى طرد داعش مرة ثانية من موقع استراتيجى خطير فى منطقة تل أبيض، التى تحكم طريق الامدادات الذى يربط بين الحدود التركية ومدينة الرقة السورية التى اختارتها داعش كى تكون عاصمة لها، ومقرا لأبوبكر البغدادى الذى نصب نفسه قبل عام أميرا للمؤمنين وخليفة للمسلمين فى مدينة الموصل!
وباستيلاء الأكراد على مدينة تل أبيض، وإحكام سيطرتهم على محيطها الريفى، وتثبيت مواقعهم ودفاعاتهم داخل المدينة، يكون المقاتلون الأكراد قد أغلقوا طريق الامدادات الرئيسى لتنظيم داعش الذى أصبح تحت سيطرتهم الكاملة، ولخطورة هذا الطريق الاستراتيجى الذى يحمل الى داعش معظم الامدادات والمؤن، ويسلكه المقاتلون الأجانب القادمون للحرب الى جوار داعش فى سوريا ويزيد عددهم على 20ألف مقاتل، فضلا عن أنه الطريق الذى تستخدمه داعش لنقل البترول الذى استولت عليه من بعض الحقول السورية والعراقية تحت سيطرتها الى الأسواق السوداء ومعظمها فى تركيا، سوف تحاول داعش استعادة تل أبيض مهما تكبدت من خسائر، لكن الواضح من شجاعة المقاتلين الأكراد أنهم لن يفرطوا فى هذا الكسب الاستراتيجى المهم، وسوف ينجحون فى الحفاظ على تل أبيض كما حافظوا على مدينة كوبانى.
وبرغم المكانة الخاصة التى اكتسبها المقاتلون الأكراد فى حربهم ضد داعش وحفزت الولايات المتحدة على أن تساند بعض عملياتهم من خلال القصف الجوى، يرفض المقاتلون الأكراد دعاوى الانفصال عن سوريا ويعتبرون ذلك خطا أحمر حرصا على بقاء الدولة السورية، وتكاد طموحاتهم تتوقف عند حدود حكم ذاتى صحيح يمكنهم من ادارة حياتهم والحفاظ على حقوقهم الثقافية مع التمسك بضرورة الابقاء على الدولة السورية، لقد أثبت الأكراد السوريون فى معركتى كوبانى وتل أبيض أنهم أكثر الأطراف شجاعة فى الحرب على داعش، وأكثرهم إصرارا على هزيمتها، رغم أن غالبيتهم ينتمون الى السنة ورغم معاناتهم الشديدة خاصة فى تركيا التى تنكر على الأكراد هويتهم، والتوقعات كلها تؤكد أن المقاتلين الأكراد سوف يمثلون العنصر الحاسم فى عملية تحرير مدينة الموصل من سطوة داعش.