مكرم محمد أحمد
رغم التنازلات الضخمة التى قدمتها طهران وأفرغت برنامجها النووى من أى قوة ردع وأغلقت الباب أمام فرص تطويره، يعتقد الرئيس الإيرانى حسن روحانى أن تطبيق اتفاق التسوية السلمية للملف النووى فتح الباب لصفحة ذهبية جديدة من تاريخ إيران!، لأن إيران سوف تستعيد فى غضون ايام 50مليار دولار تشكل نصف ارصدتها المجمدة فى بنوك الخارج، وسوف تضاعف كميات تصديرها من الغاز والبترول لتصل إلى حدود تتجاوز 2مليون ونصف مليون برميل فى اليوم الواحد بدلا من مليون برميل، كما ان بنوكها سوف تستعيد شبكة علاقاتها الدولية مع المصارف والمؤسسات المالية العالمية، وربما يؤدى جميع ذلك إلى مضاعفة حجم الاستثمارات الخارجية التى تتدفق على البلاد، وتمكن طهران من تعزيز قدراتها الصناعية والتكنولوجية بعد انتهاء العقوبات الدولية التى كانت تفرض عليها حظر تصدير البترول وحظر استيراد التكنولوجيا المتقدمة،بما يعزز مكانتها ودورها فى الشرق الاوسط ويمكنها من تحقيق تقدم كبير على مختلف الاصعدة ويشكل تحديا خطيرا أمام العالم، العربي..، وربما يكون من نتائج ذلك ايضا تعزيز تيار الاصلاح داخل الحوزة الدينية التى ينتمى إليه حسن روحانى على حساب تيار المحافظين المتشدد الذى لايزال يعتقد ان الغرب والولايات المتحدة الشيطان الأكبر.
وبالطبع ثمة شكوك عربية قوية فى أن يؤدى هذا التطور إلى مزيد من عدوان إيران على الأمن العربي، بحيث تدس أنفها اكثر من ذلك فى الشأن العربى خاصة قضايا اليمن ولبنان وسوريا، تدعم الحوثيين وتحرضهم على العدوان على السعودية، وتحرض حزب الله على إفساد الوفاق الوطنى اللبناني، وتفسد أى تسوية سياسية للأزمة السورية لا تبقى على بشار الاسد فى الحكم.
لكن الأخطر من جميع ذلك استعداد إيران المتزايد وقد أنهت معظم مشكلاتها مع الولايات المتحدة ان تلعب دور شرطى الخليج، تمارس الدور القديم الذى كان يلعبه شاه إيران فى حراسة مصالح الغرب على حساب الامن العربي..، وإذا صح ان كلا الطرفين إيران والعرب يرفضان ان يتحول خلافهما إلى حرب وصدام مسلح، يصبح من الضرورى الإبقاء على أبواب الحوار بين الجانبين مفتوحة على مصاريعها، لعل الجانبين يستطيعان الوصول إلى تفاهم يوافق بين مصالحهما المختلفة، ويمد جسور الثقة المتبادلة بدلا من صراع مسلح يشعل فتنة كبرى بين السنة والشيعة المستفيد الوحيد منها أعداء الإسلام.