مكرم محمد أحمد
لا أعتقد ان إعلان المبادئ الخاصة بسد النهضة رغم اهميته الشديدة لتنظيم أسلوب وقواعد ملء خزان السد بما يحول دون الاضرار بمصالح دولتي المصب (السودان ومصر) يمكن ان يزيل تماما حالة القلق والتوتر التي خيمت علي العلاقات المصرية الاثيوبية نتيجة الخلافات المثارة حول قضية سد النهضة، وان كان الاعلان يمثل خطوة علي الطريق الصحيح لبناء جسور جديدة من الثقة المشتركة بين مصر وإثيوبيا.
وبرغم ان اعلان المبادئ يستهدف في الاصل الاتفاق علي أسلوب وقواعد ملء الخزان ونظم تشغيله السنوية بعد انتهاء الدراسات المشتركة التي يجري إعدادها الان من قبل هيئة هندسية دولية اتفقت الدول الثلاث علي تسميتها واحترام قراراتها، إلا ان خلو الاعلان من اى اشارة واضحة إلي أحقية مصر في حصتها المائية من إيراد نهر النيل يظل عامل قلق، لان مثل هذه الحقوق التي تتعلق بالوجود والحياة لابد ان تكون واضحة وساطعة ومباشرة كشمس النهار، تثبتها نصوص قانونية صحيحة لا تختفي وراء سطور غامضة، او في صيغ عامة تقبل تأويلات مختلفة..، وفي غيبة سطوع ووضوح هذه الحقائق يبقي اعلان المبادئ رغم اهميته مجرد وثيقة فنية تنظم أسلوب وقواعد ملء خزان السد، لا علاقة لها بتنظيم استخدام مياه النهر الذي تحكمه اتفاقات دولية لا تزال سارية المفعول، لا يستطيع اعلان المبادئ ان ينسخها او يلغيها، خاصة ان الاعلان يلتزم مبادئ القانون الدولي وقواعده العامة التي تنظم العلاقات بين الاطراف المتشاركة في الانهار الدولية، ولا يغير اعلان المبادئ شيئا من مواقف مؤسسات التمويل الدولية التي لاتزال تشترط لتمويل سد النهضة توافق كل الاطراف علي ان السد يحقق مصالح الجميع دون الاضرار باي طرف..، وحسنا ان اكد اعلان المبادئ اهمية تبادل المعلومات والبيانات تحقيقا للشفافية، وعلي ضرورة التنسيق المشترك بين الدول الثلاثة في عمليات تشغيل السدود المقامة علي النهر في مصر والسودان واثيوبيا، إلا ان تنظيم استخدامات مياه النهر بما يضمن حقوق مصر المائية، سوف يكون ضمن موضوعات الاتفاقية القانونية التي يجري التفاوض بشأنها في ظل نتائج أعمال الهيئة الاستشارية الدولية التي احتكمت الدول الثلاث إليها..، ومع ذلك يبقي اعلان المبادئ خطوة صحيحة علي مسار توثيق العلاقات بين مصر وإثيوبيا يدعم جسور الثقة بين البلدين، ويعزز فرص الحوار بينهما لتحقيق مكاسب مشتركة للجميع، ويرسخ حالة من الفهم المتبادل بين احتياجات دول المصب واحتياجات دول المنبع.