مكرم محمد أحمد
فى الوقت الذى يصعد فيه التنظيم الدولى لجماعة الاخوان المسلمين تهديداته ضد المصريين، محذرا من موجة عنف قادمة تبدو فيها الجرائم
التى ترتكبها الجماعة الان مجرد العاب اطفال، يخرج راشد الغنوشى زعيم جماعة حزب النهضة (الاخوان المسلمين) فى تونس عن صمته، ليعلن عن مبادرة يعتزم القيام بها لتحقيق مصالحة يراها ضرورية الآن بين جماعة الاخوان المسلمين والحكم والشعب المصري، يعتقد كثيرون انها تمثل حبل النجاة لجماعة تنتحر يرفضها غالبية المصريين على نحو مطلق، ويعتقدون أن اجتثاثها من حياتهم السياسية بات أمرا ممكنا بعد أن بغضها الشعب إلى هذا الحد الكبير، وأن المصالحة مع الجماعة الآن تمثل قبلة الحياة التى يمكن ان تحيى مواتها، وتعيد لها دورها القديم، تضلل بسطاء الناس، وتقوض استقرار المجتمع من داخله، وتزرع فيه الفتنة الطائفية والاستقطاب الحاد، وتتواطأ على مصالحه بتحالفها الوثيق مع المصالح الأمريكية..
ومع الأسف تعتقد الجماعة ان اصطفافها مع السعودية فى المشكلة اليمنية ضد الحوثيين يمكن ان يغير المناخ الاقليمى من حولها، خاصة ان قطر وتركيا تتزعمان هذا التوجه! ويمكن ان تجعل السعوديين ينسون الخيانة التى ارتكبتها الجماعة بتحالفها مع صدام حسين فى عملية غزو الكويت! ويغفلون عن جهدها لتقويض امن السعودية من الداخل من خلال سيطرتها على معظم معاهد التعليم الخاص هناك.
والواضح للجميع ان مبادرة راشد الغنوشى تهدف أولا إلى تحصين حزبه (النهضة) من مخاطر عزلة جماعة الاخوان المسلمين على المستويين الاقليمى والوطنى بعد هزيمة الحزب القاسية فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية التونسية الاخيرة، وانفضاض الجماهير عن مساندة حزب النهضة رغم التنازلات الضخمة التى قدمها الغنوشى كى يفوت على حزبه المصير الذى لقيته جماعة الاخوان فى مصر!
وما يدعو إلى الدهشة ان الغنوشى كان فى مصر قبل اسابيع من سقوط حكم جماعة الاخوان المسلمين، واستمع إلى شهادات عديدة من مصريين وطنيين كانوا يرجون لو انه نجح فى لقاء محمد مرسى ومكتب إرشاد الجماعة لاقناعهم بخطورة الاستئثار بالحكم وسيطرة الجماعة على كل مفاصل الدولة، وبرغم أن الغنوشى أبدى اقتناعا شديدا بهذه المهمة إلا انه فشل فى اقناع قادة الجماعة بتغيير سياساتهم وعاد إلى تونس بخفى حنين، وهو يعرف عن يقين ان المصريين لن يستطيعوا صبرا على حكم جماعة الاخوان، ولهذا يحسن براشد الغنوشى ان ينسى مبادرته، ويكرس جهده لتصحيح مسار حزب النهضة وإعادة النظر فى منطلقاته الخاطئة التى تتبنى فكر الجماعة.