تونس‭ ‬فى‭ ‬عين‭ ‬العاصفة‭‬ هل‭ ‬ينجح‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشى‭ ‬فى‭ ‬القفز‭ ‬على‭ ‬السلطة‭‬

تونس‭ ‬فى‭ ‬عين‭ ‬العاصفة‭:‬ هل‭ ‬ينجح‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشى‭ ‬فى‭ ‬القفز‭ ‬على‭ ‬السلطة؟‭!‬

تونس‭ ‬فى‭ ‬عين‭ ‬العاصفة‭:‬ هل‭ ‬ينجح‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشى‭ ‬فى‭ ‬القفز‭ ‬على‭ ‬السلطة؟‭!‬

 عمان اليوم -

تونس‭ ‬فى‭ ‬عين‭ ‬العاصفة‭‬ هل‭ ‬ينجح‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشى‭ ‬فى‭ ‬القفز‭ ‬على‭ ‬السلطة‭‬

بقلم : مكرم محمد أحمد

يبدو‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬يري‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة‭ ‬للأزمة‭ ‬التونسية‭ ‬توفر‭ ‬للحزب‭ ‬فرصة‭ ‬الانقضاض‭ ‬علي‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التونسية‭ ‬والاستيلاء‭ ‬علي‭ ‬السلطة،‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬أننا‭ ‬نشهد‭ ‬الآن‭ ‬الفصل‭ ‬الأخير‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬التي‭ ‬تخطط‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستيلاء‭ ‬علي‭ ‬السلطة‭, ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬لها‭ ‬حالة‭ )‬التمكين‭(‬ التي‭ ‬يعتقد‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬أنه‭ ‬بلغها‭ ‬بالفعل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سيطر‭ ‬علي‭ ‬كل‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة،‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬والحكومة‭ ‬وأولها‭ ‬مؤسسة‭ ‬الأمن‭ ‬بما‭ ‬يمكنه‭ ‬من‭ ‬الشروع‭ ‬بالانفراد‭ ‬بالسلطة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬للحكم‭, ‬ينتفي‭ ‬فيه‭ ‬وجود‭ ‬معارضة‭ ‬وأغلبية‭ ‬يتنافسان‭ ‬علي‭ ‬تداول‭ ‬الحكم‭ ‬ويحكمه‭ ‬دستور‭ ‬جديد‭ ‬أو‭ ‬إعلان‭ ‬دستوري‭ ‬يحدد‭ ‬الأولويات‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬حزب‭ ‬النهضة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬تثبيت‭ ‬سلطته‭ ‬علي‭ ‬الحكم‭, ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬عندما‭ ‬تبني‭ ‬محمد‭ ‬مرسي‭ ‬مشروع‭ ‬ال‭ ‬100‭ ‬يوم‭ ‬الذي‭ ‬تعهد‭ ‬فيه‭ ‬بحل‭ ‬مشكلات‭ ‬الأمن‭ ‬والمرور‭ ‬والطاقة‭ ‬والوقود‭ ‬والخبز‭ ‬وحقق‭ ‬فشلا‭ ‬ذريعا‭.

‬وسوف‭ ‬يسعي‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬نجح‭ ‬مخططه‭ ‬في‭ ‬الاستيلاء‭ ‬علي‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الأولوية‭ ‬القصوي‭ ‬في‭ ‬برنامجه‭ ‬لـ‭‬ (خونة‭ ‬الدولة‭ (‬بسرعة‭ ‬وضراوة‭ ‬وزرع‭ ‬قياداته‭ ‬وعناصره‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬القوي‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية،‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬ديوان‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬إلي‭ ‬مناصب‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬والنائب‭ ‬العام‭ ‬والقيادات‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬الأمن،‭ ‬مع‭ ‬الإسراع‭ ‬بإصدار‭ ‬إعلان‭ ‬دستوري‭ ‬جديد‭ ‬يقنن‭ ‬حكم‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬ويقلص‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يمنع،‭ ‬فرص‭ ‬الطعن‭ ‬علي‭ ‬قرارات‭ ‬الرئيس‭ ‬الإخواني،‭ ‬بحيث‭ ‬تصبح‭ ‬نهائية‭ ‬ونافذة‭ ‬بذاتها‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للنقض‭ ‬أو‭ ‬الطعن‭ ‬بأي‭ ‬طريق‭ ‬وأمام‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬قضائية،‭ ‬مع‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تفكيك‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬وإنشاء‭ ‬مؤسسات‭ ‬بديلة‭ ‬وحرس‭ ‬ثوري‭ ‬بديل‭ ‬علي‭ ‬نمط‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬وإعطاء‭ ‬الصدارة‭ ‬لقادة‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬كي‭ ‬يتصدروا‭ ‬مجمل‭ ‬الصورة،‭ ‬وتمكين‭ ‬مجلس‭ ‬شوري‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬مراجعة‭ ‬كل‭ ‬قرارات‭ ‬الدولة‭ ‬قبل‭ ‬صدورها،‭ ‬بحيث‭ ‬تخرج‭ ‬جميع‭ ‬القرارات‭ ‬من‭ ‬مكتب‭ ‬إرشاد‭ ‬الجماعة‭ ‬إلي‭ ‬مكتب‭ ‬الرئيس‭ ‬الإخواني،‭ ‬والبدء‭ ‬في‭ ‬تطيبق‭ ‬قاموس‭ ‬سياسي‭ ‬جديد‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الاعتراض‭ ‬علي‭ ‬قرارات‭ ‬الرئيس‭ ‬الإخواني‭ ‬خروجا‭ ‬عن‭ ‬الشريعة‭ ‬والدين،‭ ‬وتشكيل‭ ‬جماعات‭ ‬سرية‭ ‬تتولي‭ ‬إكراه‭ ‬صور‭ ‬المعارضة‭ ‬علي‭ ‬الإذعان‭ ‬والخضوع،‭ ‬وتمكين‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬الاغتيال‭ ‬والتعذيب‭ ‬والاعتداء‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬القانون‭ ‬وممارسة‭ ‬مختلف‭ ‬صور‭ ‬العنف‭ ‬البدني‭ ‬ضد‭ ‬الخصوم‭ ‬السياسيين‭ ‬لجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬علي‭ ‬النحو‭ ‬الذي‭ ‬مارسته‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬توثيق‭ ‬عمليات‭ ‬اغتيال‭ ‬طالت‭ ‬470‭ ‬شخصا‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬محافظة‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان،‭ ‬ويكشف‭ ‬تاريخ‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬و‭ ‬توابعها‭ ‬في‭ ‬العالمين‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬طبيعة‭ ‬البروتوكولات‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬علاقة‭ ‬الجماعة‭ ‬بمختلف‭ ‬القوي‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬علي‭ ‬إمكان‭ ‬تحالف‭ ‬الجماعة‭ ‬مع‭ ‬القوي‭ ‬المعارضة‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬ذلك‭ ‬يشكل‭ ‬مصلحة‭ ‬لها‭ ‬ويعزز‭ ‬فرصها‭ ‬في‭ ‬الانتشار‭ ‬وأخونة‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬ويمكنها‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬مواقع‭ ‬قياداتها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬شبكات‭ ‬مساعدات‭ ‬اجتماعية‭ ‬جماعية،‭ ‬تتمثل‭ ‬عادة‭ ‬في‭ ‬فصول‭ ‬دراسية‭ ‬لتقوية‭ ‬التلاميذ،‭ ‬ومستشفيات‭ ‬رخيصة‭ ‬تعالج‭ ‬المرضي‭ ‬الفقراء،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬مرحلة‭ ‬الذيوع‭ ‬والانتشار‭ ‬تتجسد‭ ‬صورة‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬الداعية‭ ‬البشوش‭ ‬الذي‭ ‬يخاطب‭ ‬الجميع‭ ‬بسلاسة‭ ‬ونعومة‭ ‬وود‭ ‬إلي‭ ‬أن‭ ‬تتمكن‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬علي‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة‭ ‬ومفاتيح‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتصل‭ ‬إلي‭ ‬حالة‭) ‬التمكين)‭‬ الذي‭ ‬يتحقق‭ ‬باختراق‭ ‬الجماعة‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬الحيوية‭ ‬الجيش‭ ‬والشرطة‭ ‬والأمن‭ ‬والقضاء‭ ‬إلي‭ ‬أن‭ ‬تحين‭ ‬الفرصة‭ ‬الملائمة،‭ ‬وتتمكن‭ ‬الجماعة‭ ‬من‭ ‬القفز‭ ‬علي‭ ‬السلطة‭ ‬التي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تأخذ‭ ‬شكل‭ ‬استثمار‭ ‬أزمة‭ ‬حقيقية‭ ‬أو‭ ‬مفتعلة،‭ ‬هنا‭ ‬ينكشف‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬للجماعة‭ ‬الذي‭ ‬يحرق‭ ‬ويحاصر‭ ‬ويدمر‭ ‬ويرتكب‭ ‬جرائم‭ ‬الاغتيال‭ ‬ويمارس‭ ‬كل‭ ‬صور‭ ‬العنف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تثبيت‭ ‬سلطة‭ ‬الجماعة،‭ ‬وسحق‭ ‬أي‭ ‬جماعة‭ ‬أخري‭ ‬تقاوم‭ ‬سيطرة‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬علي‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬تفضح‭ ‬سلوكها‭ ‬الهدام‭. ‬

ولا‭ ‬يختلف‭ ‬تفكير‭ ‬إخوان‭ ‬تونس‭ ‬عن‭ ‬إخوان‭ ‬مصر‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يروج‭ ‬له‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬مرشد‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لأن‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬إخوان‭ ‬مصر‭ ‬وإخوان‭ ‬تونس‭ ‬هي‭ ‬علاقة‭ ‬الفرع‭ ‬بالأصل،‭ ‬المرجعية‭ ‬للاثنين‭ ‬واحدة،‭ ‬حيث‭ ‬تعود‭ ‬العلاقات‭ ‬التنظيمية‭ ‬والفكرية‭ ‬بين‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬التونسية‭ ‬وجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬إلي‭ ‬سنوات‭ ‬التأسيس‭ ‬الأولي‭ ‬لحركة‭ ‬النهضة‭ ‬عام‭‬1972،‭ ‬ومنذ‭ ‬تأسيس‭ ‬التنظيم‭ ‬العالمي‭ ‬لجماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬عام‭ ‬1982‭ ‬علي‭ ‬يد‭ ‬مرشد‭ ‬الجماعة‭ ‬مصطفي‭ ‬مشهور‭ ‬كان‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬التونسي‭ ‬عضوا‭ ‬نشيطا‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬الدولي‭ ‬لجماعة‭ ‬الإخوان،‭ ‬يمثله‭ ‬أمير‭ ‬الجماعة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬الذي‭ ‬اضطلع‭ ‬بدور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬والمغرب‭ ‬العربي‭ ‬لصالح‭ ‬التنظيم‭ ‬الدولي‭ ‬للجماعة،‭ ‬وعن‭ ‬التنظيم‭ ‬الأم‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬أخذ‭ ‬الغنوشي‭ ‬نظام‭ ‬الأسرة‭ ‬وتعلم‭ ‬أساليب‭ ‬الجماعة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أساليب‭ ‬اختراق‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬ووسائل‭) ‬أخونة‭ ‬المجتمع‭(‬ وصولا‭ ‬إلي‭ ‬حالة‭ ‬(التمكين‭(‬ وانتظار‭ ‬الفرصة‭ ‬المناسبة‭ ‬للقفز‭ ‬علي‭ ‬السلطة‭. ‬والواضح‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬أن‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭) ‬حزب‭ ‬النهضه‭ (‬تري‭ ‬الآن‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬بالفعل‭ ‬إلي‭) ‬مرحلة‭ ‬التمكين‭(‬ والسيطرة‭ ‬علي‭ ‬كل‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة‭ ‬ومفاتيح‭ ‬المجتمع،‭ ‬وحانت‭ ‬فرصة‭ ‬القفز‭ ‬علي‭ ‬السلطة‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭.‬

أولها‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬قائد‭ ‬السبسي‭ ‬أطال‭ ‬الله‭ ‬عمره ‭ ‬88‭ ‬(عاما‭(‬ رغم‭ ‬يقظة‭ ‬تفكيره‭ ‬وذكائه‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬وقدرته‭ ‬البالغة‭ ‬علي‭ ‬تحليل‭ ‬الأوضاع‭ ‬وفك‭ ‬طلاسمها‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬عتيا،‭ ‬وقاربت‭ ‬مدة‭ ‬حكمه‭ ‬علي‭ ‬الانتهاء‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬2019‭ ‬،وهو‭ ‬لم‭ ‬يعلن‭ ‬بعد‭ ‬عن‭ ‬قراره‭ ‬النهائي‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سيرشح‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬القادمة‭ ‬رغم‭ ‬بعض‭ ‬تصريحاته‭ ‬التي‭ ‬تركت‭ ‬الباب‭ ‬مواربا،‭ ‬لكن‭ ‬كبر‭ ‬سن‭ ‬السبسي‭ ‬أغري‭ ‬كثيرين‭ ‬علي‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬الترشح‭ ‬لمنصب‭ ‬الرئيس‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬أولهم‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬الذي‭ ‬يعتقد‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬علي‭ ‬لسان‭ ‬متحدثه‭ ‬الرسمي‭ ‬عماد‭ ‬خيري‭ ‬أن‭ ‬الغنوشي‭ ‬يتمتع‭ ‬بكل‭ ‬الإمكانات‭ ‬ليكون‭ ‬رئيسا‭ ‬للجمهورية،‭ ‬وأنه‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مانع‭ ‬قانوني‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬خوضه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬،‭ ‬وأن‭ ‬حزبه‭ ‬يملك‭ ‬كل‭ ‬أدوات‭ ‬المال‭ ‬والسلطة‭ ‬تساعده‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا‭, ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فاز‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬البلدية‭ ‬الأخيرة‭ ‬بنحو‭ ‬28‭٫‬6‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬أصوات‭ ‬البلديات،‭ ‬كما‭ ‬فاز‭ ‬بأهم‭ ‬مناصبها‭ ‬رئيس‭ ‬بلدية‭ ‬تونس‭ ‬الذي‭ ‬يسمي‭ (‬شيخ‭ ‬تونس‭ ‬وهو‭ ‬منصب‭ ‬رفيع‭ ‬مهم‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬منصب‭ ‬وزير‭ ‬وأقل‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬دولة،‭ ‬فازت‭ ‬به‭ ‬السيدة‭ ‬سعاد‭ ‬عبد‭ ‬الرحيم‭ ‬علي‭ ‬منافسها‭ ‬مرشح‭ ‬حزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬الحاكم،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬السيدة‭ ‬سعاد‭)‬54عاما)‭ ‬أعلنت‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬لكنها‭ ‬ليست‭ ‬عضوا‭ ‬فيه‭ ‬في‭ ‬مخاتلة‭ ‬وصفتها‭ ‬الأحزاب‭ ‬الأخري‭ ‬بأنها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التقية‭ ‬التي‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬ذرائعية‭ ‬تبيح‭ ‬المحظورات‭ ‬وصولا‭ ‬إلي‭ ‬الأهداف،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن ‭)‬شيخة‭ ‬تونس‭(‬ غير‭ ‬محجبة‭ ‬تري‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬المسلم‭ ‬أن‭ ‬يفطر‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬شريطة‭ ‬ألا‭ ‬يؤذي‭ ‬مشاعر‭ ‬الآخرين،‭ ‬ويعتبر‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬فوز‭ ‬الحزب‭ ‬بمشيخة‭ ‬تونس‭ ‬مقدمة‭ ‬للفوز‭ ‬بمنصب‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭.‬

‭ ‬ويكمن‭ ‬السبب‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬الذي‭ ‬يرأسه‭ ‬الرئيس‭ ‬السبسي‭ ‬ويملك‭ ‬85‭ ‬مقعدا‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬بينما‭ ‬يتحصل‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬علي‭ ‬69‭ ‬مقعدا‭ ‬وضعته‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬حزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬يتعرض‭ ‬الآن‭ ‬لأزمة‭ ‬حادة‭ ‬وانقسامات‭ ‬شديدة‭ ‬أدت‭ ‬إلي‭ ‬استقالة‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬نوابه‭ ‬بسبب‭ ‬الخلاف‭ ‬العميق‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬الحزب‭ ‬قائد‭ ‬السبسي‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ورئيس‭ ‬وزرائه‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭)‬44‭ ‬عاما‭(‬ الذي‭ ‬يطمح‭ ‬في‭ ‬الترشح‭ ‬لانتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الصراع‭ ‬الآخر‭ ‬المستعر‭ ‬داخل‭ ‬الحزب‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬والمدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬لحزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬حافظ‭ ‬السبسي‭ ‬نجل‭ ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬يداخله‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يرث‭ ‬منصب‭ ‬والده‭ ‬الباجي‭ ‬قائد‭ ‬السبسي،‭ ‬وعندما‭ ‬طلب‭ ‬الرئيس‭ ‬السبسي‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬وزرائه‭ ‬تقديم‭ ‬استقالته‭ ‬أو‭ ‬الذهاب‭ ‬إلي‭ ‬البرلمان‭ ‬طلبا‭ ‬لتجديد‭ ‬الثقة‭ ‬وجد‭ ‬راشد‭ ‬العنوشي‭ ‬الفرصة‭ ‬سانحة‭ ‬لتعميق‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ورئيس‭ ‬وزرائه‭ ‬وانحاز‭ ‬إلي‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬الذي‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬صغر‭ ‬سنه‭)‬44‭ ‬عاما‭(‬ ربما‭ ‬يكون‭ ‬ورقة‭ ‬رابحة‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬لأنه‭ ‬أنجز‭ ‬إصلاحا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬تعاون‭ ‬فيه‭ ‬مع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬وظفر‭ ‬بتأييد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬وتسبب‭ ‬انحياز‭ ‬الغنوشي‭ ‬إلي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬أزمة‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ورئيس‭ ‬وزرائه‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا،‭ ‬وبلغت‭ ‬الأزمة‭ ‬ذروتها‭ ‬بإعلان‭ ‬حزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬فض‭ ‬علاقة‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬وتعطيل‭ ‬العمل‭ ‬بالائتلاف‭ ‬الرئيسي‭ ‬الحاكم،‭ ‬والواضح‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬أنه‭ ‬صف‭ ‬إلي‭ ‬جوار‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬ليزيد‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬الانقسام‭ ‬داخل‭ ‬حزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬ويطيل‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬الأزمة‭ ‬ويعطل‭ ‬حلولها‭ ‬الصحيحة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬بذهاب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬إلي‭ ‬البرلمان‭ ‬طلبا‭ ‬لتجديد‭ ‬الثقة،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬الشاهد‭ ‬تواجه‭ ‬أيضا‭ ‬مشكلات‭ ‬حادة‭ ‬مع‭ ‬اتحاد‭ ‬الشغل‭ ‬التونسي‭ ‬أكبر‭ ‬تنظيم‭ ‬عمالي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬الذي‭ ‬يصر‭ ‬علي‭ ‬رحيل‭ ‬الحكومة؛‭ ‬لعجزها‭ ‬الفادح‭ ‬عن‭ ‬ضمان‭ ‬أمن‭ ‬البلاد‭ ‬بعد‭ ‬جريمة‭ ‬جندوبه‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬قرب‭ ‬حدود‭ ‬الجزائر‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬6‭ ‬عناصر‭ ‬من‭ ‬قوات‭ ‬الحرس‭ ‬الوطني‭ ‬التونسي،‭ ‬وقام‭ ‬بارتكابها‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬الذي‭ ‬يتشكل‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬إلي‭ ‬جوار‭ ‬داعش،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الشكوك‭ ‬تحيط‭ ‬بموقف‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬الذي‭ ‬تتهمه‭ ‬دوائر‭ ‬عديدة‭ ‬بأنه‭ ‬أفسح‭ ‬الطريق‭ ‬لهذه‭ ‬الجماعات‭ ‬بإقالته‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬السابق‭ ‬لطفي‭ ‬براهم‭ ‬وتعيين‭ ‬غازي‭ ‬الحريبي‭ ‬حليف‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬بدلا‭ ‬منه،‭ ‬والذي‭ ‬ضرب‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬عبر‭ ‬سلسلة‭ ‬إقالات‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬العمود‭ ‬الفقري‭ ‬للأمن‭ ‬التونسي،‭ ‬وثمة‭ ‬اتهامات‭ ‬واضحه‭ ‬بأن‭ ‬الحريبي‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬لحساب‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬التي‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬اختراق‭ ‬داخلية‭ ‬تونس‭ ‬إلي‭ ‬حد‭ ‬أن‭ ‬مديرة‭ ‬المركز‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بدرة‭ ‬بعقول‭ ‬تري‭ ‬أن‭ ‬إقالة‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬لطفي‭ ‬إبراهيم‭ ‬كانت‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الإملاءات‭ ‬الحزبية‭ ‬لحزب‭ ‬النهضة،‭ ‬وشكلت‭ ‬كارثة‭ ‬كبري‭ ‬لتونس‭ ‬لأنها‭ ‬فتحت‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬كي‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬اختراق‭ ‬المؤسسة‭ ‬الأمنية‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬تصرفات‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬بعد‭ ‬فض‭ ‬علاقات‭ ‬تحالفه‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أثرها‭ ‬السلبي‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬التونسي‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬تهديداته‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬علي‭ ‬لسان‭ ‬وزير‭ ‬الفلاحة‭ ‬السابق‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سالم‭ ‬عضو‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬والذي‭ ‬أنذر‭ ‬البرلمان،‭ ‬بأنه‭ ‬سوف‭ ‬يشل‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ويوقف‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬بمقتضاه‭ ‬صرف‭ ‬أجور‭ ‬الموظفين‭ ‬عقابا‭ ‬لحزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬الذي‭ ‬فض‭ ‬علاقته‭ ‬بحزب‭ ‬النهضة،‭ ‬وقد‭ ‬أثارت‭ ‬تهديدات‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سالم‭ ‬عاصفة‭ ‬غضب‭ ‬شعبي‭ ‬عارما‭ ‬شملت‭ ‬كل‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي،‭ ‬وكما‭ ‬استنكرت‭ ‬الأستاذة‭ ‬الجامعية‭ ‬والأديبة‭ ‬ألفت‭ ‬يوسف‭ ‬تصريحات‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سالم،‭ ‬وكتبت‭ ‬ساخرة‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭) ‬كنت‭ ‬أظن‭ ‬أنني‭ ‬أعمل‭ ‬ضمن‭ ‬مؤسسة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لكنني‭ ‬اكتشفت‭ ‬أخيرا‭ ‬أنني‭ ‬أعمل‭ ‬في‭ ‬مزرعة‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سالم‭(‬، كما‭ ‬كتب‭ ‬النقابي‭ ‬الحبيب‭ ‬الراشدي‭ ‬علي‭ ‬صفحته‭ ‬علي‭ ‬الفيسبوك‭ ‬وكأننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬والد‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سالم،‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عدالة‭ ‬ناجزة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لوجبت‭ ‬محاكمته‭ ‬ليصبح‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬رهن‭ ‬التحقيق،‭ ‬كما‭ ‬كتب‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬أساتذة‭ ‬الجامعات‭ ‬والمعلقين‭ ‬تعليقات‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬سخرية‭ ‬أخطرها‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحركة‭ ‬مشروع‭ ‬تونس،‭ ‬الحزب‭ ‬الثالث‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬الذي‭ ‬كشف‭ ‬في‭ ‬تعليقه‭ ‬التواطؤ‭ ‬الخفي‭ ‬بين‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬التونسي‭ ‬ومجموعات‭ ‬الإرهابيين‭ ‬التونسيين‭ ‬اللذين‭ ‬عادوا‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق؛‭ ‬ليمارسوا‭ ‬جرائمهم‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬التونسي‭ ‬وينطلقوا‭ ‬في‭ ‬عملياتهم‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬ليبيا‭. ‬وبخلاف‭ ‬كل‭ ‬المعارك‭ ‬السياسية‭ ‬السابقة‭ ‬استخدم‭ ‬المتصارعون‭ ‬علي‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وبينهم‭ ‬جماعات‭ ‬المتطرفين‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬كل‭ ‬عمليات‭ ‬التخريب‭ ‬وقطع‭ ‬المياه‭ ‬والكهرباء‭ ‬وإضرام‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الغابات‭ ‬والمزارع‭ ‬ودفع‭ ‬البلاد‭ ‬إلي‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الشلل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬تخريب‭ ‬واسعة‭ ‬ومتزامنة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدي‭ ‬إلي‭ ‬تراجع‭ ‬مخيف‭ ‬في‭ ‬شعبية‭ ‬كل‭ ‬الأحزاب‭ ‬التونسية‭ ‬بنسب‭ ‬تصل‭ ‬إلي‭ ‬70‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬كثافة‭ ‬الحملات‭ ‬الإعلانية‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬الجميع‭ ‬ضد‭ ‬الجميع،‭ ‬يرفعون‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الشعارات‭ ‬ويطالبون‭ ‬بحل‭ ‬البرلمان‭ ‬واستقالة‭ ‬السبسي‭ ‬وإقالة‭ ‬ابنه‭ ‬حافظ‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬للحزب‭ ‬وإقالة‭ ‬حكومة‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬وإقصاء‭ ‬الغنوشي‭ ‬وحزب‭ ‬النهضة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مواقع‭ ‬المعارضة‭ ‬والحكم،‭ ‬بما‭ ‬يؤكد‭ ‬تصدع‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬وعمق‭ ‬الصراعات‭ ‬داخل‭ ‬كل‭ ‬القوي‭ ‬السياسية‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬وازدياد‭ ‬الوضع‭ ‬سوءا‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬موعد‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬عام‭ ‬2019‭.‬

وربما‭ ‬يكون‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬قد‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬تخريب‭ ‬حزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬وتعزيز‭ ‬انقسامه‭ ‬بوقوفه‭ ‬إلي‭ ‬جوار‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬يوسف‭ ‬الشاهد‭ ‬ضد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬السبسي؛‭ ‬ليبقي‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬صاحب‭ ‬الأغلبية‭ ‬المسيطر‭ ‬علي‭ ‬معظم‭ ‬البلديات‭ ‬ويحوز‭ ‬مشيخة‭ ‬تونس،‭ ‬لكن‭ ‬الغنوشي‭ ‬لم‭ ‬يفلت‭ ‬من‭ ‬عقاب‭ ‬المشهد‭ ‬التونسي،‭ ‬لأن‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬اكتسب‭ ‬عداء‭ ‬الشارع‭ ‬التونسي‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬بات‭ ‬صاحب‭ ‬الأغلبية‭ ‬الأولي‭ ‬في‭ ‬البرلمان،‭ ‬له‭ ‬68‭ ‬مقعدا‭ ‬من‭ ‬مقاعد‭ ‬البرلمان‭ ‬البالغ‭ ‬عددها‭ ‬217‭ ‬لأن‭ ‬الأزمة‭ ‬التونسية‭ ‬باتت‭ ‬تهدد‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬تونس‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬أزمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبيرة‭ ‬وبطالة‭ ‬واسعة‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬مليون‭ ‬مواطن،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬غرور‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬أفقده‭ ‬اتزانه‭ ‬إلي‭ ‬حد‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬حزبا‭ ‬استفزازيا‭ ‬يواجه‭ ‬حملة‭ ‬انتقادية‭ ‬شعواء‭ ‬تطالب‭ ‬بطرد‭ ‬النهضة‭ ‬وإقصائها‭ ‬من‭ ‬اللعبة‭ ‬السياسية‭ ‬وتحميلها‭ ‬المسئولية‭ ‬السياسية‭ ‬لانتشار‭ ‬العنف‭ ‬والإرهاب‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬والأمر‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الوفاق‭ ‬كان‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬صعبا‭ ‬أو‭ ‬مستحيلا‭ ‬بين‭ ‬حزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬العلماني‭ ‬وتوجهات‭ ‬حزب‭ ‬النهضة‭ ‬الإسلامي‭ ‬التي‭ ‬تقتفي‭ ‬أثر‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬البنا‭ ‬إلي‭ ‬سيد‭ ‬قطب‭ ‬إلي‭ ‬أبو‭ ‬الأعلي‭ ‬المودودي‭ ‬بما‭ ‬جعل‭ ‬تونس‭ ‬تدور‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬مفرغة‭ ‬دون‭ ‬حل‭ ‬حاسم‭ ‬لأن‭ ‬أحدا‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يملك‭ ‬قدرة‭ ‬الحسم‭. ‬
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام

omantoday

GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تونس‭ ‬فى‭ ‬عين‭ ‬العاصفة‭‬ هل‭ ‬ينجح‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشى‭ ‬فى‭ ‬القفز‭ ‬على‭ ‬السلطة‭‬ تونس‭ ‬فى‭ ‬عين‭ ‬العاصفة‭‬ هل‭ ‬ينجح‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشى‭ ‬فى‭ ‬القفز‭ ‬على‭ ‬السلطة‭‬



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab