صحافة قاعدة

صحافة قاعدة

صحافة قاعدة

 عمان اليوم -

صحافة قاعدة

بقلم : مكرم محمد أحمد

يحزن المرء لصحافة مصر القاعدة، وهو يقرأ عشرات التقارير لعشرات الصحفيين الأجانب التى تخرج من قرية باغوز السورية، ترصد الساعات الأخيرة من المعركة الفاصلة التى انتهت بهزيمة داعش، وأنهت وجوده على الأرض السورية، دون أن يجد بينها تقريراً واحداً لصحفى مصرى يعايش هذه الأحداث، وينقلها بعيون مصرية إلى القراء المصريين كما كان يحدث سابقاً!، ولست أعرف سبباً واضحاً لهذا التقاعس، لكن الذى أعرفه على وجه اليقين أن الصحافة المصرية تفقد الكثير من مهنيتها لاعتمادها على تقارير معلبة تنقلها من مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن تبذل جهداً مهنياً مطلوباً.

  وأظن أن المقلب السخيف الذى شربه أخيراً عدد غير قليل من الصحف ومواقع الأخبار المصرية، وهى تنقل عن أحد مواقع التواصل الاجتماعى خبر ترشيح أحد الذين رحلوا عن عالمنا منذ عدة سنوات كوزير جديد للنقل بدلاً من الوزير المستقيل عرفات، تسبب فى فضيحة مهنية كبرى كشفت عوار الصحافة المصرية، أرجو ألا تمر مرور الكرام دون بحث وتساؤل وتمحيص، لأنها واقعة كاشفة تفضح المستوى المهنى المتدنى الذى وصلت إليه مع الأسف صحافتنا!، وحسناً أن أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قراراً يطالب الصحف ومواقع الأخبار المصرية بعدم نشر أى أخبار عن مواقع التواصل الاجتماعى قبل التأكد من صحتها، لأن مواقع التواصل الاجتماعى لا تنشر أخباراً تم تدقيق صحتها، ولكنها تنشر كل ما يطرأ على بال أى مواطن يستخدم ويتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن مخاطر أن تتحول الصحافة المصرية إلى صحافة قاعدة تكتفى بالنقل من الآخرين دون أن تُسهم إسهاماً حقيقياً فى تغطية الأحداث المحلية والعربية!.

وفى قرية باغوز السورية آخر معقل لداعش، كان الصحفيون الأجانب ـ ونسبة غالبة منهم من الصحفيات ـ يتابعون هزيمة المجموعات الأخيرة من مقاتلى داعش لحظة بلحظة، ويصفون معارك الأنفاق كشهود عيان التى تكدس فيها مقاتلو داعش ونسبة كبيرة منهم من الأجانب، جاءوا من كل أرجاء العالم ليحاربوا إلى جوار داعش، وسهل لهم الرئيس التركى أردوغان عبور حدود بلاده مع الحدود السورية جهاراً نهاراً، ويكاد يكون مدخل هذه الأنفاق مجرد فتحات صغيرة تقود إلى شبكة ضخمة من الأنفاق تحت أراضى القرية، يتكدس فيها المئات من مقاتلى داعش فى معركة دفاع حتى الموت عن مواقعهم الأخيرة، يفجرون عشرات السيارات والمبانى المُفخخة التى نجح تفجيرها فى إبطاء تقدم قوات سوريا الديمقراطية، إلى أن استسلم مقاتلو داعش أخيراً تاركين أطفالهم ونساءهم فى خيام مهلهلة تحت الحصار لا يُعرف بعد مصيرهم لأن غالبية الدول التى قدموا منها ترفض عودتهم، بينما هرب المئات من التونسيين الذين كانوا يحاربون فى سوريا والعراق إلى جوار داعش الى ليبيا، ليجعلوا منها قاعدة بديلة لتنظيم داعش، تؤرق أمن مصر والجزائر والمغرب، وتتحالف مع منظمة بوكو حرام النيجيرية، وتتحالف مع تنظيمات داعش والقاعدة وجماعات الإخوان.

ما حدث أخيراً للصحافة المصرية من ترد مهنى يُشكل واحداً من التحديات الخطيرة التى تستحق مواجهة جسورة وعلاجاً ناجحاً لمشكلاتها، يُعيد للصحافة المصرية احترامها لأصولها المهنية، ويمكنها من استعادة مصداقيتها، خاصة أن المعركة مع الإرهاب لا تزال مستمرة وطويلة، ولكى تصبح الصحافة المصرية أكثر قدرة على القيام بمسئوليتها يتحتم صدور قانون تداول المعلومات الذى انتهى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من إعداد مشروعه الذى تم عرضه على جموع الصحفيين فى حلقات نقاش واسعة جرت فى معظم الدور الصحفية، لكن مشروع القانون لا يزال مع الأسف حبيس أدراج الحكومة لم يصدر حتى الآن دون سبب واضح أو مفهوم!.

ولعل صدور القانون يُشكل خطوة صحيحة فى تعزيز التفاهم المتبادل لحق المواطن فى الحصول على صحافة جيدة تتحمل مسئولياتها تجاه قُرائها وتجاه الدولة المصرية التى لا تزال تخوض معارك ضارية ضد سطوة أيديولوجية داعش على عقول الكثير من الشباب، لأن تنظيم داعش ربما يكون قد تم تدميره بالفعل، لكن الأهم هو هزيمة فكر داعش وتأكيد فساد أيديولوجيته التى لا تزال تؤثر على عقول الكثير من الشباب.

omantoday

GMT 06:26 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

صوت «المشتركة» في ميزان إسرائيل الثالثة

GMT 06:21 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

إضراب المعلمين وسياسة تقطيع الوقت لمصلحة من ؟

GMT 06:18 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

خمسة دروس أردنية من الانتخابات التونسية

GMT 06:15 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

البعد الطائفي في استهداف المصافي السعودية

GMT 06:12 2019 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

وادي السيليكون في صعدة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صحافة قاعدة صحافة قاعدة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:46 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 عمان اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab