بقلم : مكرم محمد أحمد
تسوء الأوضاع فى إيران وجنوب العراق بما يقرب أن تكون ثورة شاملة ومستمرة على حكم الملالى، لا تكاد تهدأ حتى تثور من جديد، وأصبح الهتاف السائد فى الشارع الإيرانى «الموت للديكتاتور» فى إشارة صريحة إلى المرشد الأعلى خامنئى، ولا غزة ولا لبنان روحى فداء لإيران، كما طالب المتظاهرون فى مدينة قم بسقوط حزب الله اللبنانى الذى يرى كثير من الإيرانيين أنه يسترزق على حساب فقراء الإيرانيين، حيث يخصص له المرشد الأعلى موازنة سنوية بعيداً عن أي رقابة حكومية، وقد شملت المظاهرات مدن طهران وأصفهان وكرج وشيرار، يطالب معظمها المرشد الأعلى بالتنحى احتجاجا على التضخم وارتفاع الأسعار، ويأتى اشتعال المظاهرات هذه المرة قبل أيام من بدء تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران التى تستهدف وقف تصدير النفط الإيرانى إلى الأسواق العالمية وحرمان الخزانة الإيرانية من عوائده، فى إشارة واضحة إلى تفكك إيران وعزوف الشارع الإيرانى عن مساندة حكم الملالى، بينما البلاد مقدمة على أزمة اقتصادية حادة، وقال تقرير للبنك الدولى إن الاقتصاد الإيرانى انخفض من المركز الـ 27 إلى المركز الـ17 على مستوى العالم.
وفى مدينة كازرون فى محافظة فارس أضرم المتظاهرون النار فى تمثال الصحابى سلمان الفارسى منتقدين دوره فى تاريخ إيران، لأنه خان فارس باتباعه الإسلام قبل 14 قرناً!!، وقد أمهل النواب الرئيس حسن روحانى شهرا للمثول أمام البرلمان لبيان كيفية تعامل الحكومة مع بدء تطبيق العقوبات الأمريكية وانهيار القوة الشرائية للإيرانيين التى تراجعت بنسبة 72 فى المائة نتيجة الانخفاض المتلاحق لسعر العملة الوطنية، وأشارت بعض المصادر الإعلامية إلى أن ورقة الـ 10 آلاف ريال إيرانى التى كانت تساوى150 دولارا هبطت إلى ما يساوى 10 سنتات فى سوق الصرف المتقلبة، وحسب تقديرات البنك الدولى أصبح الإيرانى أكثر فقرا بنسبة 32%، ومن المؤكد أن الوضع الاقتصادى لإيران سوف يصبح بالغ الصعوبة بعد أن تعيد الولايات المتحدة فى السابع من أغسطس فرض العقوبات على إيران، كما يتوقع الاقتصاديون تراجع صادرات النفط الإيرانى إلى حدود الثلثين، وقد أجرى الحرس الثورى الإيرانى مناورات عسكرية بحرية قرب مضيق هرمز شاركت فيها مئات السفن فى محاولة لاستعراض القوة وتأكيد صلابة الموقف أمام الشعب الإيرانى، وإن كان معظم المحللين العسكريين يعتقدون أن إيران لن تقدم على غلق مضيق هرمز رغم استطاعتها العسكرية غلق المضيق خشية ردود أفعال الولايات المتحدة. ويزيد من سوء الموقف الإيرانى تطورات الوضع فى جنوب العراق واحتشاد آلاف العراقيين الشيعة يطالبون برحيل الأحزاب الدينية وتعديل الدستور وإنهاء النفوذ الإيرانى فى العراق وغلق الميليشيات الموالية لإيران فى البلاد وتحميل مسئولية ما آلت إليه أوضاع البلاد إلى الرئاسة والبرلمان والحكومة، وإنهاء نظام المحاصصة الطائفية واعتماد معيار الوطنية والكفاءة بدلا من الطائفية، وأعلنت اللجان التنسيقية للتظاهرات أنها سوف تستمر فى حشد المظاهرات لحين تحقيق المطالب وتقديم الفاسدين للعدالة، وأفادت صحف محلية عراقية باندلاع مواجهات بين عشيرة الخزرج العربية وميليشيات الحشد الشعبى الشيعية أدت إلى مقتل ستة من شيوخ عشائر الخزرج، وقال الأمين العام لمجلس العشائر العربية الشيخ أحمد الغانم إن التظاهرات تجاوزت الانتماءات الطائفية وأن ما يجرى فى جنوب العراق هو ثورة على الظلم، وأن جوهر المشكلة أن إيران لديها مشروع لتفتيت وحدة العراق، وأن القضية فى العراق قضية وطنية وليست مذهبية.
ورغم أن الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادى خصصت 3 مليارات دولار لمشروعات الكهرباء والمياه فى البصرة و 675 مليون دولار لتوفير فرص العمل فإن المواطنين لا يعولون على الحكومة لأنها فقدت مصداقيتها، وفى أول عمل من نوعه أقالت حكومة العبادى وزير الكهرباء قاسم الفهداوى بعد أن تعرض أحد الخطوط الأساسية الذى يزود محافظات كركوك ونينوى وصلاح الدين بالكهرباء لعمل تخريبى، وكشف مصدر عراقى مسئول عن قائمة تضم 73 اسما من بينهم شخصيات سياسية نافذة أعدها حيدر العبادى، تشمل كل من يمتلك أموالاً طائلة خارج العراق، كما بات من المؤكد أن جميع الأحزاب الدينية فقدت سيطرتها على الشارع العراقى، كما يبدو واضحا لكل العيان أن الأموال التى خصصتها حكومة العبادى فشلت فى إخماد التظاهرات، وأن الثورة مستمرة تنتشر فى كل محافظات العراق وصولا إلى بغداد.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام