وقفة مع السودان وإثيوبيا

وقفة مع السودان وإثيوبيا !

وقفة مع السودان وإثيوبيا !

 عمان اليوم -

وقفة مع السودان وإثيوبيا

بقلم : مكرم محمد أحمد

لعل واحدا من أهم نتائج قمة دول حوض النيل التى انعقدت فى 20 يونيو الماضى فى عنتيبى شمال أوغندا ، وحضرها الرئيس عبد الفتاح السيسى ومعظم قادة دول الحوض الذين وافقوا بالإجماع على انعقاد القمة بصورة دورية كل عام على أن يكون اجتماعها الثانى فى القاهرة هو وضوح الموقف المصرى بصورة شاملة عززت علاقات الثقة المتبادلة بين مصر ودول الحوض ، وأعادت العلاقات المصرية الإفريقية إلى عصرها الذهبى ، وبلورت رؤية إستراتيجية شاملة لتحقيق التعاون الأمثل بين دول الحوض ، ورسمت حدوداً واضحة وفاصلة لموقف مصر من اتفاقية عنتيبى الذى يرفض توقيع هذه الاتفاقية ويرفض التصديق عليها لإخلالها بقواعد أساسية حاكمة معمول بها فى كل دول أحواض النهر الواحد ، أولاها مبدأ توافق كل الأراء عند اتخاذ قرارات مصيرية وتبنى قاعدة الإجماع أو الأغلبية الموصوفة التى تشترط موافقة دولتى المصب، «مصر والسودان» عند التصويت على القرارات المطلوبة واحترام مبدأ الإخطار المسبق الذى يلزم كل دول الحوض الإعلان المسبق عن مشروعاتها على النهر لضمان عدم الإضرار بمصالح أى من دول الحوض كانت من دول المنبع أو دول المصب. 

فضلاً عنا التزام القاهرة المطلق بمبدأ التعاون المستدام بين دول الحوض، وترحيبها الشديد بدورية انعقاد قمة دول الحوض كل عام ، وإقرارها بحق جميع دول الحوض فى الاستفادة من مياه النهر بما لا يضر الاستخدامات الحالية والحقوق المكتسبة ، وبرغم جهود إثيوبيا فى الاجتماعات الفنية ومحاولتها إلزام مصر التوقيع على اتفاقية عنتيبى فى صورتها الراهنة مع إمكانية الحوار مستقبلاً حول مطلب مصر الأساسى فى الحفاظ على حصتها الراهنة «55 مليار متر مكعب»، أصرت مصر بوضوح بالغ على ثبات موقفها الرافض من اتفاقية عنتيبى التى لم يوافق عليها حتى الآن سوى أربع دول ، ثلاث منها فقط هى التى صدقت على الاتفاقية بينما يتطلب تنفيذ الاتفاقية موافقة وتصديق سبع من دول الحوض على الأقل. 

ولا يقل أهمية عن ذلك إقرار مصر بأن المواقف تباعدت بين دولتى المصب «مصر والسودان» فى قضية سد النهضة ربما لأن السودان فى ظل حكم الرئيس البشير يعتقد أن سد النهضة يحقق الكثير من مصالحه رغم إضراره الواضح بمصالح مصر المائية ، مع أن البلدين خاضا معاً جزءاً مهماً من المفاوضات المشتركة لكن الرئيس البشير كعادته المتقلبة قفز منفرداً إلى موقف جديد يحابى اثيوبيا ، ولا يضع فى اعتباره شراكة السودان لمصر كدولتى مصب ومصالحهما العديدة المشتركة !.. ، وأظن أن إقرار مصر بهذا الخلاف يمثل نوعاً من صراحة المواجهة بدلاً من دفن الرؤوس فى الرمال ، لكن ما يعوض مصر عن خسارة موقف السودان بسبب تقلبات البشير الذى يلعب على كل الأحبال تفهم معظم دول حوض النيل لحقيقة الموقف المصرى ، وثقتهم فى أن مصر تدعم بوضوح حق جميع دول الحوض فى الاستفادة من نهر النيل دون الإضرار بمصالح أى من الأطراف ، وأن توجهها الأفريقى الراهن بإنشاء المبادرة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى إفريقيا يؤكد استعداد مصر للتعاون مع دول الحوض إلى أقصى مدى فى أية مشروعات يترتب عليها زيادة موارد النهر وتوزيع ما يترتب على هذه الزيادة على دول الحوض وفق أسس عادلة تضع فى اعتبارها حق الجميع فى الحياة والتنمية. 

وأظن أن جميع دول الحوض تعرف جيداً حجم الجهد الذى بذلته مصر من أجل أن يبقى خلافها مع إثيوبيا محاصراً فى إطار التسوية السياسية العادلة التى تلتزم بحقوق مصر المائية ، ليس فقط لأنها حقوق مكتسبة وتاريخية وتمثل استخدامات فعلية على مدى قرون من الأزمنة ، ولكن لأنها تتجاوز كل هذه الأوصاف لتصبح مرادفاً لحق الحياة والوجود لا تملك مصر التفريط فيه قيد أنملة واحدة .. ، ومن ثم فإن كل محاولات التسويف والمماطلة ، ورفض أثيوبيا الراهن إعطاء المكتب الإستشارى الذى توافقت على اختياره مصر والسودان واثيوبيا لبحث الأضرار التى يمكن أن تقع على دولتى المصب خاصة مصر المعلومات المطلوبة كى يبدأ مهمته ، لابد أن يكون له نهاية عاجلة فى إطار علاقات شفافة وواضحة تقوم على مبدأ المنفعة المتبادلة دون الإضرار بمصالح مصر الحيوية التى تصل إلى حد تهديد الحياة والوجود ، لأن مصر وقد استعادت قدراتها ونهضت من كبوتها تملك قدرة الدفاع عن مصالحها داخل دول الحوض وخارجه ، وهى لا تزال تؤثر فى علاقاتها الإفريقية عموماً وعلاقاتها الإثيوبية على وجه خاص التعاون والتكامل والتنسيق المشترك إلا أن تجد نفسها فى مأزق الاختيار بين حق الحياة والوجود دفاعاً عن حياة الشعب المصرى وحضارته التى لن تفنى ولن تموت بإذن الله. 

المصدر : صحيفة الأهرام

omantoday

GMT 08:43 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

ترامب فى آخر طبعة تغيير جذرى فى المواقف!

GMT 09:11 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أمريكا تدعم حفتر فى حربه على الإرهاب

GMT 08:27 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أمريكا تُعزز وجودها العسكرى

GMT 07:30 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

هل يحارب أردوغان قبرص؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وقفة مع السودان وإثيوبيا وقفة مع السودان وإثيوبيا



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab