مكرم محمد أحمد
ليس متوقعا أن تشهد الانتخابات النيابية معدلات اقتراع كبيرة رغم كثرة الضجيج المحيط بها, والزيادة المطردة فى عدد الناخبين0 فقد ازداد هذا العدد 64 مِثلاً
منذ أول انتخابات نيابية ديمقراطية أُجريت عام 1924. وصل عدد الناخبين المقيدين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات القادمة إلى نحو 56 مليون ناخب. أما عدد الناخبين عام 1924 فكان نحو 840 ألف ناخب فقط.
ولا ينسجم هذا الفرق الهائل مع عدد السكان فى تلك المرحلة وفى الوقت الراهن. فقد كان هذا العدد نحو 13 مليوناً عام 1924، أى أن الزيادة السكانية بلغت نحو ستة أمثال فقط خلال تلك الفترة.
ويمكن تفسير هذه الفجوة الكبيرة بطبيعة نظام الانتخاب عام 1924. فكان نظاماً على درجتين أعطى كل مصرى من الذكور فقط حق الانتخاب متى بلغ عمره 21 سنة. ووفق ذلك النظام كان كل 30 ناخباً يختارون مندوباً عنهم يقوم بانتخاب أعضاء مجلس النواب.
ولذلك اختار الناخبون الأصليون فى المرحلة الأولى (840 ألفاً) مندوبين عنهم كان عددهم 38 ألف مندوب. وقام هؤلاء المندوبون بانتخاب 214 عضواً يوم 13 يناير 1924 لتشكيل أول برلمان فى ظل دستور 1923.
وهكذا كان حرمان المرأة من حقها فى الانتخاب حينئذ هو العامل الرئيسى وراء الانخفاض الشديد فى عدد الناخبين حينئذ قياساً إلى عدد السكان.
كما كان ارتفاع سن الاقتراع إلى 21 عاماً سبباً آخر فى انخفاض عدد الناخبين عام 1924. غير أنه كان هناك عامل ثالث يتعلق بصعوبات القيد فى جداول الانتخاب فى تلك المرحلة. كانت الشروط نفسها صعبة، وأهمها أن يكون الاسم مدرجاً فى هذه الجداول من قبل، أو معروفاً للجنة القسم التابع له الشخص، أو يأتى بشهادة من شيخ الحارة. وهذا الشرط الأخير كان مستحيلاً فى المناطق الحديثة التى لم يكن فيها شيوخ حارة، مثل مصر الجديدة.
فأين ذلك من القيد الالكترونى التلقائى الذى يحدث الآن، إذ يصبح كل من بلغ عمره 18 سنة مقيداً دون أن يتحرك من مكانه. ورغم هذا كله, فقد أجريت انتخابات 1924 فى أجواء أكثر ديمقراطية وحيوية من تلك التى ستجرى الانتخابات القادمة فى ظلها.