مكرم محمد أحمد
يصعب أن نصدق أن جرائم الاختفاء القسرى التى يذهب ضحيتها مجهولون يتم القاء القبض عليهم دون اعلان ودون اخطار ذويهم وربما دون تحقيق، ويبقى مصيرهم مجهولا لأسابيع وشهور الى أن يظهروا أمام النائب العام أو فى احدى ساحات المحاكم، لا تزال تمارس فى مصر تحت حكم الرئيس السيسى، وفى ظل ثورة 30يونيو التى تضع ضمن أول أهدافها اقامة دولة قانونية تحترم حقوق الانسان وتطبق صحيح القانون!
ومع ذلك تمتلىء صحف العالم ومواقع التواصل الاجتماعى على شبكة المعلومات الدولية بتقارير تصدر عن عدد من جمعيات حقوق الانسان فى مصر والخارج، تتحدث عن عودة جرائم الاختفاء القسرى بنسب متزايدة، وتطلق أرقاما وتقديرات متعددة يذهب بعضها الى أن عددهم يتجاوز 163 شابا اختفوا من أبريل الماضى معظمهم من شباب الثورة، وتم الافراج عن 61 منهم بينما لا يزال الباقون رهن الاعتقال!، ويذهب بعضها الاخر الى أنهم أقل عددا لكن ثمة ما يشير الى أن اثنين من المختفين لقيا فى الأغلب مصرعهما!، ولكثرة هذه التقديرات وتضاربها يعتقد كثيرون أن الأمر لا يخلو من مبالغة، وان تكن هناك دلائل كثيرة على أن جرائم الاختفاء القسرى لا تزال تمارس من قبل بعض الأجهزة الأمنية!
وأيا كانت الحقيقة، فالأمر المهم الذى ينبغى أن يكون واضحا للجميع، أن الاختفاء القسرى لمواطن واحد يشكل جريمة أخلاقية وجنائية يتحتم رفضها على نحو مطلق، فى نظام للحكم يقف على رأس سلطته التنفيذية الرئيس السيسى الذى كثيرا ما يبدى أسفه الشديد لأن بعض أنظمة الحكم السابقة لم تكن تأسو كثيرا على الظلم الفادح للمواطن المصرى الذى لم يجد من يحنو عليه.
صحيح أننا فى حالة حرب على ارهاب غاشم يتوعد شرا كل فئات الشعب المصرى، ويمارس جرائم بشعة تستهدف عقاب المصريين وقتلهم وتخريب اقتصادهم الوطنى، لكن ذلك لا يبرر جريمة الاختفاء القسرى التى لا تحتاج اليها أجهزة الأمن، لأن الشعب المصرى يساند كفاحها البطولى ضد هذه الجماعات، كما أن القضاء المصرى ينهض بمسئوليته كاملة للقصاص من جرائمهم..، ولأن مصر تواجه حملات دعائية مخططة تستهدف تشويه صورة الحكم، واظهار مصر دولة لا تقيم وزنا لحقوق الانسان أو حكم القانون، يتحتم على الحكومة الالتزام بالشفافية الكاملة، وكشف حقيقة هذه الجرائم التى ينبغى اجتثاثها على نحو نهائى من قاموس التعامل بين أجهزة الدولة والمواطن المصرى.