مكرم محمد أحمد
هل ماتت النخوة العربية، ولم يعد باقيا من تراثها الاخلاقى والقيمى سوى الاحقاد والحزازت الصغيرة، وبلادة الحس، والإصرار على الانتقام؟!، وبماذا نفسر عجز العرب المخيف عن وقف الكارثة الانسانية المهولة التى تحدق بالشعب السورى، وهو يفر من جحيم حرب اهلية يصعب المفاضلة فيها بين نار بشار الاسد وجحيم اضداده من جماعات الارهاب، ابتداء من النصرة الى جند الشام الى آخر هذه القائمة الطويلة من المنظمات الارهابية اليدوية الصنع التى مزقت سوريا شر ممزق، ودفعت الملايين من ابنائها الى ان يتشردوا فى بقاع العالم فى قوارب الهجرة الافريقية المتهالكة التى تغرق كل يوم فى عرض المتوسط امام الساحل الليبى!، او فى دروب المسالك الوعرة عبر بلاد البلقان وصولا الى اليونان، حيث ينتظرهم الموت غرقا فى مياه بحر ايجه ، او تحتجزهم اسلاك اوروبا الشائكة تمنعهم من الدخول من اى منفذ لتصبح قصة تشرد الشعب السورى الانشودة الحزينة فى العالم اجمع !.
وما الذى ارتكبه السوريون ليدفعوا هذا الثمن الباهظ، لقد حافظوا على تنوعهم فى دولة متعددة الاعراق والثقافات تضم الاكراد والروم والتركمان والعلويين كما تضم تنويعات مسيحية اثرت الثقافة العربية والاسلامية، ودافعوا ببسالة عن عروبة المنطقة، ووقفوا الى آخر نفس الى جوار اشقائهم الفلسطينيين، وكانوا شركاء مصر فى حرب اكتوبر المجيدة..، لم يرتكب السوريون اثما يستحقون عليه هذه المهانة ويتم سحق دولتهم لحساب القاعدة وداعش بدعوى ضرورة التخلص من بشار الاسد كشرط اساسى للتسوية السلمية .
هل يمكن ان يظل شعب بكامله رهينة هذا الشرط الذى يكفى لتحقيقه توافق الجميع على مرحلة انتقالية صحيحة، تضمن للشعب السورى ان يكون له وحده حق القول الفصل فى بقاء بشار او رحيله..، واذا فرط العرب فى مصير الدولة والشعب السورى على هذا النحو الفظ، وسمحوا لتجربة العراق ان تتكرر مرة اخرى فى سوريا، فما الذى يمكن ان يتبقى من استقرار الشرق الاوسط؟!، وايا كان الجرم الذى ارتكبه بشار الاسد فى حق شعبه فانه يبقى جرما محدودا، قياسا على الجرم الذى يرتكبه العرب اليوم وهم يشاهدون الكارثة الكبرى للشعب السورى صامتين او شامتين او عاجزين، دون ان يدركوا ان العواقب سوف تكون وخيمة على الجميع ولن يفلت من شرها احد، لأن الارهاب هو الطرف الوحيد المنتصر فى هذه المعركة البائسة .