بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
الاهتمام الذى لقيته محاضرة ألقتها أستاذة جامعية فرنسية فى «المعهد الفرنسي» بالمنيرة فى القاهرة هذا الأسبوع عن تطور «مكانة مصر فى العالم» له مغزاه المهم. صحيح أن التى ألقت المحاضرة آن كلير بونفيل هى أستاذة جامعية لها مكانتها كأستاذ للتاريخ المعاصر فى المعهد الوطنى للغات والحضارات الشرقية فى جامعة السوربون، وصحيح أن المكان الذى ألقيت فيه المحاضرة، أى المعهد الفرنسي، هو واحد من أقدم المعاهد الثقافية الأجنبية فى مصر، ومن أكثرها نشاطا...إلا أن الاهتمام بالمحاضرة من جانب عديد من الإعلاميين ارتبط بمضمونها والذى دار بالأساس حول الدور الذى لعبه محمد على باشا فى بناء مصر الحديثة. إننى أعتقد أن آثار الإهمال أو التجاهل الذى فرضته ثورة يوليو على تاريخ الأسرة العلوية، بدءا من مؤسسها، لا يزال قائما حتى اليوم! ولاشك أن ذلك أمر شائن وضار، لأن الشعوب التى لا تعرف جيدا تاريخها يصعب أن تتصور مستقبلها الذى ينسجم مع ذلك التاريخ. وهنا يجوز أن نتساءل: هل تشيع ثقافة تاريخية تضع محمد على فى المكانة التى يستحقها؟ حقا..إن محمد على توجد بشأنه بضع صفحات من أحد مناهج التاريخ فى سنة دراسية ما، ولكنى أتصور أن هذا أقل بكثير جدا مما تستحقه هذه الشخصية الفذة فى التاريخ المصرى الحديث، والتى أنجزت فى أربعين عاما تقريبا ما يشبه المعجزات فى بناء الدولة ومؤسساتها الحديثة، وعلى رأسها الجيش المصري، وفى ميدان الفتوح الخارجية فى السودان والجزيرة العربية والشام، وفى وضع البنية الأساسية للزراعة المصرية الحديثة، وكذلك للصناعة، وفى كل المجالات تقريبا. ما مدى وعى ومعرفة الشباب المصرى بتلك الحقائق ...ولماذا لم نر أعمالا فنية (مسرحيات، أفلام، مسلسلات...إلخ) تقدم محمد على بالنحو اللائق به، وليس على نحو هزلى عابر كما حدث فى بعض الأحيان.