بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
أعلم أن هناك توافقا عرفيا محمودا بين النخبة الثقافية والإعلامية المصرية على تجنب التعليق على أحكام القضاء، وهذا امر طيب بلا شك، ولكننى سوف أخرج اليوم عن تلك القاعدة و أهتف معتزا ومقدراً لقضاء مصر العريق والعظيم. لقد كان يوم الأول من أمس (الخميس 11/10 ) يوماً سعيداً بالنسبة لي، إلى أقصى الحدود محملاً بشحنة كبيرة من الأمل بعد طول انتظار، فقد أصدرت محكمة النقض حكمها برئاسة المستشار عمر بريك نائب رئيس المحكمة بنقض (إلغاء) الحكم الذى سبق أن أصدرته محكمة الجنايات برئاسة المستشار ناجى شحاتة بمعاقبة الشاب أحمد دومة ذى الاثنين وثلاثين عاما بالسجن المؤبد وبغرامة مالية تقدر بسبعة عشر مليون جنيه ، وكذلك حكم بالحبس ثلاث سنوات وخمسين ألف جنيه غرامة ، فى القضية المعروفة إعلاميا بأحداث مجلس الوزراء. وقد نسب إلى المحامى خالد على قوله فى المرافعة أن دومة نفذ بالفعل الحكم الأخير بالسجن ثلاث سنوات.
وكما جاء فى المصرى اليوم 12/10 فقد أمرت محكمة النقض بإعادة محاكمة دومة أمام إحدى دوائر محكمة الجيزة بخلاف المحكمة التى أصدرت حكم الادانة. وكما نسب إلى خالد على أيضا فإنه سيقدم طلباً للنائب العام لإخلاء سبيل موكله. لقد تابعت بصفتى رئيسا للجنة العفو الرئاسى ملياً قضية أحمد دومة وهالنى محاكمته فى معهد أمناء الشرطة فى قفص زجاجى وتشديد الإجراءات الأمنية فضلا عما علمته من زوجته أنه كان محبوساً انفرادياً .
إن أحمد دومة الشاب الذى أعتقل فى ظل حكم مبارك والمجلس العسكرى والإخوان قد يكون شاباً طائشاً فى سلوكه، حاداً فى أسلوبه ولكنه لم يكن أبداً إرهابياً. ذلك حكم رائع ومشرف يذكرنى بالكلمة الرائعة لونستون تشرشل عندما سأل عن الدمار الذى أصاب بريطانيا فى الحرب العالمية مستفسراً من مساعديه هل المحاكم تمارس عملها فردوا بالايجاب، فقال قولته الذائعة «إذا كانت المحاكم مستمرة فى عملها ، فإن كل شىء يجرى على ما يرام»!