بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
أقصد جوزيف بروز تيتو الذى كان رئيسا لجمهورية يوجوسلافيا من 1953 إلى 1980 والذى كان صديقا حميما للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وأنشأ معه ومع جواهر لال نهرو حركة عدم الانحياز منذ 1955 ثم لحق بهما الرئيس الإندونيسى سوكارنو، ورئيس غانا كوامى نكروما. إننى أتساءل: ماذا كان لو تيتو حيا اليوم وهو يشاهد فريق بلده كرواتيا يصعد إلى إلى نهائيات كأس العالم، بعد أن قهرت روسيا ثم بريطانيا، ثم هى الآن فى الطريق كى تتحدى فرنسا على اللقب الثمين؟ صحيح أن يوجوسلافيا كانت تتكون من ستة دويلات (سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك وصربيا والجبل الأسود ومقدونيا) إلا أن تيتو نفسه كرواتى، ولد لأب كرواتى وأم سلوفينية، فى بلدة كومروفيتش الكرواتية. والذين عاشوا فى صباهم وشبابهم مثلى فى الحقبة الناصرية يذكرون أيضا أن مؤتمر عدم الانحياز الأول تم فى جزيرة بريونى الكرواتية التى تقع على شاطئ البحر الإدرياتيكى عام 1955. غير أن كرواتيا اليوم تختلف تماما عنها فى الحقبة الشيوعية بعد أن استقلت وأصبحت جمهورية ديمقراطية برلمانية، كما أن مؤشرات التنمية البشرية فيها عالية وتضعها فى مرتبة مرتفعة بين دول وسط أوروبا، كما يصنفها البنك الدولى بين اقتصاديات الدخل المرتفع.
ومع ذلك فإن المعجزة الكروية الكرواتية تبدو واضحة فى ضوء حقيقة أن كرواتيا لا يتعدى عدد سكانها أكثر من 4٫3 مليون نسمة، أى أقل من نصف سكان القاهرة، ومساحتها نحو 57 ألف كيلو متر مربع أى أقل من مساحة محافظة الجيزة. فى هذا السياق العام خطفت رئيسة وزراء كرواتيا الأضواء عندما دفعتها فرحتها وحماسها لكى ترقص فرحا و فخرا بمنتخبها القومى فى فوزه على المنتخب الروسى، ربما ذكرتهم بتحدى سلفها العجوز تيتو لأسلافهم الشيوعيين، ولكن هذه المرة فى كرة القدم و ليس السياسة.
المصدر: الأهرام
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع