بقلم : د. أسامة الغزالى حرب
أستأذن القارئ الكريم، ونحن نحتفل هذه الأيام بالذكرى المئوية لقيام ثورة مصر القومية فى 1919 أن أخصص هذا الأسبوع (من اليوم و حتى الأحد المقبل 17 مارس) لحديث موجز ومركز عن فحوى وإنجازات هذه الثورة.
إن أول وأهم الحقائق التى كشفت عنها بكل جلاء ثورة 1919 هو تبلور الهوية القومية لمصر الحديثة بمعايير القرن العشرين، أى الأمة المصرية.
حقا، إن مصر تعود بتاريخها إلى آلاف السنين، وذكرتها باسمها الكتب السماوية الثلاثة، التوراة والإنجيل والقرآن.
وبعد الحقبة الفرعونية الطويلة، عرفت الحقبة اليونانية - الرومانية ثم الحقبة القبطية حتى الفتح الإسلامى.
وكان تولى محمد على حكم مصر بداية النهاية فعليا للاحتلال العثمانى لها. غير أن الاحتلال البريطانى لمصر تحت حكم خلفاء محمد على كان هو التحدى الذى أيقظ فى المصريين مشاعرهم القومية، فبدأ يظهر مفهوم الأمة المصرية الذى عبر عنه حزب الأمة الذى أنشاه أحمد لطفى السيد بمشاركة سعد زغلول. ثم كانت نهاية الحرب العالمية الأولى وعقد مؤتمر الصلح فى فرساى بفرنسا هو المناسبة التى رأى فيها سعد زغلول وزملاؤه الفرصة للمطالبة باستقلال مصر، فكانت بذلك ثورة 1919 جزءا لا يتجزأ من نهضة القوميات التى تمخضت عنها الحرب متوازية مع القومية الهندية بزعامة المهاتما غاندى والقومية التركية على يد كمال أتاتورك، وحركة صن يات صن فى الصين. وسرعان ما أصبح زغلول زعيما للأمة المصرية، وبيته هو بيت الأمة، وزوجته هى أم المصريين.
وألهمت الثورة مصطفى صادق الرافعى ليكتب نشيده الخالد اسلمى يامصر إننى الفدا.. ذى يدى إن مدت الدنيا يدا... أبدا لن تستكينى أبدا.. إننى أرجو مع اليوم غدا.. ومعى قلبى وعزمى للجهاد.. ولقلبى أنت بعد الدين دين.. لك يامصر السلامة.. وسلاما يابلادى .. إن رمى الدهر سهامه.. أتقيها بفؤادى، واسلمى فى كل حين!