بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
«السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة» ...هذا تعبير شهير لأحد المفكرين الإنجليز، وهو أيضا أحد حقائق السياسة العملية كما نعرفها ونشهدها من حولنا فى الدنيا كلها، ولذلك فإن ما يقلل مفاسد السلطة هو ألا تكون مطلقة، وتلك هى واحدة من أهم وظائف الديمقراطية فى العصر الحديث، وذلك بما تضع من الكوابح والقيود التى تحد من إطلاق السلطة وبالتالى من انتشار الفساد. أقول هذا بمناسبة ترنح أحد النظم السلطوية اللاديمقراطية فى إفريقيا هذه الايام، وهو النظام الحاكم فى زيمبابوى برئاسة روبرت موجابى الذى بلغ هذا العام الثالثة والتسعين من عمره. إن زيمبابوى هى إحدى جمهوريات جنوب القارة الإفريقية، كان اسمها ايام الاستعمار الإنجليزى روديسيا الشمالية (غير زامبيا التى كان اسمها روديسيا الجنوبية) ويحكم موجابى زيمبابوى منذ عام 1980 أى انه ظل فى السلطة 37 عاما متواصلة حتى الآن. إحدى مشكلات موجابى هى زوجته الثانية جريس التى تصغره بأربعين عاما، والتى اهتمت الصحافة بتتبع هوايتها فى التسوق وشراء أحدث الازياء واقتناء السيارات الفارهة والجواهر الثمينة، وذكر انها أنفقت فى حفل لزواج ابنتها ثلاثة ملايين دولار، وانها تمتلك قصورا خارج بلادها، ورصدت الصحف أنها فى رحلة اخيرة لباريس انفقت 120 الف دولار، واشترت فى العام الماضى 12 خاتما من الماس...إلخ . ليس غريبا إذن أن رصدت كاميرات الإعلام هذا الأسبوع مشاهد الجماهير الساخطة التى تدفقت لشوارع العاصمة هرارى مطالبين برحيل موجابى، الرجل الذى هتفوا باسمه من قبل عندما كان بطلا لاستقلال بلاده...وها هم اليوم يطالبون بإصرار برحيله! إن موجابى لن يعود كما كان حتى ولو ظل يقاوم بعض الوقت. ويظل السؤال الأبدى مطروحا حول السلطة التى تفسد من يمتلكونها، وجاذبيتها الطاغية، والتى لا يحد منها إلا الديمقراطية، والديمقراطية فقط!