بقلم :د.أسامة الغزالي حرب
عندما كتبت كلمتى عن المذيعات الفاتنات أمس كان مقصدى هو التنبيه إلى مشكلة أو آفة تصيب الإعلام المرئى – المصرى و العربى- وهى اعتبار أن الجمال هو على رأس مؤهلات المذيعة الجيدة. واعتقادى هو أن طغيان هذا المعيار فى بعض الحالات قادنا إلى نماذج مؤسفة لمقدمات البرامج. حقا، إن الجمال عنصر له جاذبيته، ولكنه لا يمكن أن يكون إطلاقا هو المعيار رقم واحد أو إثنين فى تقييم أهلية وعمل المذيعة أو مقدمة البرامج بالذات. هناك قبل ذلك الكفاءة المهنية التى تتمثل فى التأهيل العلمى، وتوافر حد معقول من الثقافة العامة، وامتلاك مهارات الحوار، واللباقة، وتفهم مقتضيات اللياقة فى التعامل مع الضيوف...إلخ. و تلك مواصفات لا تكتسب بمجرد التعلم أو الشهادة، وإنما تتراكم عبر التجارب المختلفة. ولو أننا ألقينا نظرة على الوجوه النسائية فى بعض من أشهر المحطات الفضائية فى الولايات المتحدة وأوروبا مثلا، فسوف نلاحظ بسهولة تلك الحقيقة. إن العديد من الإعلاميات ومقدمات البرامج هناك لا يمكن تقدير أن الجمال هو صفتهن الأولى مثل كريستيان أمانبور وأوبرا وينفرى و وودى جولدبرج وروزى دونيل ...وغيرهن كثيرات ممن نطالعهن على الشاشات، لكن ما يميزهن هو الكفاءة المهنية العالية بل والمبهرة للغاية.ذلك فى تقديرى يعكس للأسف الشديد اختلافا بين ثقافتين إحداهما تتعامل مع المرأة باعتبارها ندا كاملا وحقيقيا للرجل، تقيم بمؤهلاتها العلمية وقدراتها وخبراتها المهنية...وثقافة أخرى تنظر للمرأة أولا وثانيا كأنثى...، حتى ولو رفعت شعارات زاعقة عن المساواة بين الجنسين! إننا نعرف مرحلة للإعلام المصرى كانت فيه البشرة البيضاء والشعر الأصفر عنصرا مرجحا للعمل الإعلامى، وكانت- وربما ماتزال- مسألة البدانة و النحافة أمورا حاكمة فى اختيار المذيعات و الحكم عليهن! نحن نحتاج لمعايير تعطى الأولوية للكفاءة بكل عناصرها، قبل أى معيار شكلى آخر!