بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
حفلت صحف أمس بأنباء عودة 22 مليون طالب إلى المدارس فى مصر. تأمل الرقم... اثنان وعشرون مليونا ! أى ما يساوى تقريبا إجمالى سكان لبنان والكويت و الإمارات وقطر والبحرين وعمان مجتمعين! رقم هائل، وعبء ثقيل لاشك فى ذلك. ولكنه أيضا- فى الحقيقة ومن حيث الجوهر- ثروة هائلة إذا أحسن تعليمها و تثقيفها وإعدادها. تابعت فى أخبار أمس وقائع اليوم الأول فى المدارس التى بدأ فيها العام الدراسى (فيبدو أنه تأخر فى بعض المدارس التى لم ينته إعدادها لاستقبال الطلاب بعد)..وكيف أن ذلك اليوم بدأ بتحية العلم ، ويفترض بالطبع ترديد النشيد الوطنى! لقد كانت تلك بدهيات طقوس بداية كل يوم فى المدارس الحكومية التى تعلمنا فيها، ولكنها تلاشت واندثرت تحت وطأة المدارس الإخوانية، التى انتشرت فى ربوع مصر كالنار فى الهشيم بحكم أن التجارة فى التعليم كانت من أكثر أنواع التجارة ربحية، فضلا عما تتيحه من فرصة ذهبية للتحكم فى عقول النشء، وتحجيب الفتيات الصغيرات. ولا أعرف أيضا ما إذا كانت مدارس اللغات غير الإخوانية التى ازدهرت وأينعت أيضا بمصاريفها الخرافية تحترم بدورها تلك الطقوس! غير أن ماهو أهم من تلك النواحى الرمزية، تلك القضايا والمشكلات الجوهرية التى أوقن أن د. طارق شوقى يجاهد بكل ما يستطيع لحلها ومواجهتها: إصلاح مبانى المدارس التى وصل بعضها إلى حالات مزرية تفوق الخيال، وتوزيع الكتب المدرسية، ثم محاربة سرطان الدروس الخصوصية، وتحسين أوضاع المعلمين. إنها نفس القضايا التى تثار كل مرة مع بداية العام الدراسى الجديد. إننى بهذه المناسبة- لن أمل من أن أرفع صوتى بكل قوة مطالبا بأن يكون إصلاح التعليم هو المشروع القومى رقم واحد واثنين وثلاثة..لأنه ببساطة - يتعلق بإعداد وتنمية وتطوير أغلى وأثمن ما تملكه مصر، أى قوتها البشرية، التى يمكن أن تكون مستودعا لطاقة خلاقة ومبدعة بلا حدود.