بقلم : د. أسامة الغزالى حرب
فى أول زيارة له خارج السودان، منذ توليه رئاسة المجلس العسكرى الانتقالى هناك، عقب عزل الرئيس السابق عمر البشير، وصل الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة ليلتقى الرئيس عبد الفتاح السيسى.
و قد لاحظت أن تلك الزيارة حظيت باهتمام خاص من أغلب وسائل الإعلام الدولية، وأعتقد أن ذلك يعود، ليس فقط لأنها أول ظهور خارجى للفريق أول البرهان، وإنما أيضا لما يجرى داخل السودان الآن من تفاعلات واضطرابات واختلافات بين المجلس العسكرى من ناحية، وقوى الحرية و التغيير من ناحية أخرى، لم تحسم بعد.
ولا تبدو لى حتى الآن, للأسف الشديد, بوادر واضحة لحل الأزمة السودانية، خارج السياق نفسه المعتاد تكراره فى السودان، أى فترة قصيرة من الحكم المدنى الديمقراطى المرتبك، التى تعلو فيها الشعارات المثالية عن الحريات العامة بكل عناصرها، تتلوها فترة طويلة من حكم عسكرى تبرره المخاطر التى تلوح فى البلد. فبعد عامين فقط من الحكم المدنى الأول عقب الاستقلال فى 1956 أتى حكم الفريق إبراهيم عبود ليستمر ست سنوات إلى 1964.
و بعد فترة الحكم المدنى الثانى بين 1964 و1969 أتى حكم العقيد جعفر نميرى عقب الانقلاب الذى قاده فى مايو 1969 ويستمر 16 عاما قبل أن ينتهى بانتفاضة 1985 التى أعلن فى غمارها الفريق سوار الذهب انحياز الجيش لها، معلنا تسليم السلطة لحكومة مدنية.
غير أن تلك الحكومة المدنية لم تستمر سوى ثلاث سنوات قبل أن يطيح بها عمر البشير فى ثورة الإنقاذ عام 1989 بالتعاون مع الجبهة الإسلامية القومية بزعامة حسن الترابى، ويحكم السودان لثلاثين عاما متواصلة، لم تنته إلا فى إبريل من هذا العام!...فأى طريق سوف يسلكه السودان اليوم؟ لا نملك سوى أن نردد ما أعلن عن الرئيس السيسى من أن الحل سيكون من صنع السودانيين انفسهم، عن طريق الحوار بين القوى السياسية فى السودان، ونقول للفريق أول البرهان أعانكم الله، وحفظ السودان الشقيق.