بقلم - د.أسامة الغزالي حرب
هل لاحظت ـ عزيزى قارئ الأهرام ـ الاختلاف الكبير فى عدد الأمس (17/4) فى تقييم أو تقدير عملية الصواريخ التى ردت بها إيران، على استهداف إسرائيل لقنصليتها فى سوريا، بين ما كتبته، تحت عنوان «بخ» منتقدا بشدة ما اعتبرته أنا هزال تلك العملية، مقارنة بما كتبه الصديق العزيز الأديب والكاتب الكبير محمد سلماوى الذى عبر ـ فى الصفحة المقابلة! ـ عن وجهة نظر مغايرة تماما، معتبرا أن تلك العملية كانت ذات مغزى سياسى لا يمكن تجاهله..؟ إننى أعتقد أن ذلك الاختلاف تعلق بالاختلاف بين رؤية السياسي، ورؤية الأديب! إننى كباحث فى علم السياسة، وكممارس سابق لها، أعتقد فى سلامة التعريف الكلاسيكى للحرب الذى قال به كارل فون كلاوزفيتز ـ أحد كبار المفكرين العسكريين فى التاريخ ـ بأنها امتداد للسياسة بوسائل أخرى أو بتعبير أدق مع وسائل أخري... وأن الهدف منها هو إخضاع إرادة العدو. ولذلك لم أر فى الهجوم الإيرانى على إسرائيل أى نواح إيجابية، سوى أنه دفع الإسرائيليين إلى الاستعداد والتحسب الشديد والجاد، لهجوم خطير، تتوعدهم به إيران من زمن طويل، بما تكلفه ذلك الاستعداد من تكلفة هائلة، فضلا عن حالة من الرعب والتخوف التى سادت بين الإسرائيليين! لقد رأى الصديق العزيز الأديب محمد سلماوى فى هذا الشعور بالخطر إنجازا مستحقا للعملية الإيرانية! ولكننى بمقارنة هذا الإنجاز بوصول حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية ـ التى تقترب الآن من سبعة أشهر متواصلة ـ إلى ما يقرب من 34 ألف شهيد، و80 ألف مصاب، وتدمير شبه كامل لمستشفيات غزة وكل مرافقها الحيوية من ماء و كهرباء وصرف صحي، ومساكن ومدارس، لم أر فى العملية الإيرانية ـ أستاذى العزيز سلماوى سوى صيحة «بخ» فى وجه إسرائيل، لأن التهديد والوعيد شيء، والإنجاز على الأرض شيء آخر!