د.أسامة الغزالى حرب
لماذا نحتفل بانتصار السادس من أكتوبر حتى الآن بهذا التقدير و الاهتمام، بعد أكثر من أربعين عاما من وقوعه؟ إن من الطبيعى أن تحتفل الأمم و الشعوب بانتصاراتها، ولكن قد اختفت هذه الاحتفالات بعد مرور فترة من الوقت، وتصبح مجرد طقس روتينى يتكرر كل عام، غير أن 6 أكتوبر له مكانة مختلفة، لماذا؟ السبب و التفسير يكمن فى 5 يونيو 1967 . إن 6 أكتوبر هو النقيض الكامل لـ 5 يونيو.
وبعبارة أخرى فإن السادس من أكتوبر لا يشير إلى مجرد انتصار فى معركة، ولكنه كان بالنسبة لنا نحن المصريين، جيشا و شعبا، ثأرا لهزيمة، واستعادة لكرامة، وانقاذا لسمعة! وقد لا تستطيع الأجيال الشابة الحالية، التى لم تعاصر الحدثين أن تستوعب ذلك، ولكن علينا أن نحكى لهم عنهما. ففى 5 يونيو 1967 لم تنهزم مصر فقط هزيمة عسكرية نكراء، ولكنها طعنت فى كبريائها، وهوت سمعتها و سمعة جيشها إلى الحضيض! وفى 9 يونيو 1967 رأينا المشهد الذى لن ننساه لجمال عبد الناصر وهو يتحدث للمرة الأولى منكسرا، حزينا، معترفا بالهزيمة و بمسئوليته عنها! ولكن، فى نفس هذا اليوم، 9 يونيو بدأت الخطوة الأولى نحو 6 أكتوبر1973 عندما خرج الشعب كله يرفض الهزيمة، ويشد أزر زعيمه المجروح، وسرعان ما انهمكت مصر كلها للإعداد لإزالة آثار العدوان وبدأت تباشير 6 أكتوبر مبكرة للغاية عندما دحرت قوات الصاعقة المصرية الإسرائيليين فى رأس العش قرب بور فؤاد فى يوليو 1967 ، ثم عندما أغرقت قوارب صواريخ البحرية المصرية المدمرة إيلات فى 21 أكتوبر 1967 مسجلة حدثا غير مسبوق فى تاريخ الحرب البحرية! وفى الطريق للسادس من أكتوبر وقعت حرب الإستنزاف الطويلة ضد العدو على طول جبهة قناة السويس بين 1967 و 1970 التى استشهد فى غمارها البطل الفريق عبد المنعم رياض بين جنوده فى 9 مارس 1969 . وفى الطريق للسادس من أكتوبر سجل جنود مصر و أبناء البحر الأحمر بطولتهم فى شدوان فى يناير 1970. وبعبارة أخري، فإن 6 أكتوبر كان ذروة الرفض المصرى للهزيمة، الرفض الذى سجله الشعب منذ الساعة التى خرج فيها يدعم زعيمه ، إلى أن حققه الجيش بانتصاره العظيم فى 1973 . ذلك هو مغزى 6 أكتوبر!