د.أسامة الغزالى حرب
هل يمكن أن نلتقط أنفاسنا و نريح أنفسنا للحظات من الانغماس فى السياسة،والإفراط فى الحديث عنها؟ إن إحدى أمنياتى منذ أن بدأت كتابة هذا »العامود« اليومى هى أن أخصص نسبة منه- بل وياحبذا أغلبه- لحديث بعيد عن السياسة، فحياتنا و تجاربنا اليومية مليئة بلحظات مفعمة بالعواطف و المشاعر الجميلة. ولذا، فسوف أحدثكم اليوم حديثا خاصا!
إن من أجمل ما ينعم به الله على أى منا أن يرزقه كما يقول التعبير الجميل- بالذرية الصالحة. وبالنسبة لى، كنت دائما أتمنى أن يرزقنى الله ببنات، وقد تحقق لى ماتمنيت ، ورزقت ببنتين، لأحظى بلقب »أبو البنات« الذى يذكرنا بالحديث الشريف :«أحبوا البنات فأنا أبو البنات«. البنت خاصة فى ثقافتنا- تظل غالبا مرتبطة بأسرتها وأبيها، وهذا هو ماشعرت به عندما تزوجت إحدى إبنتى، فهى لم تبتعد عنا أبدا، بل أضافت إلينا إبنا عزيزا هو زوجها. تلك قصة متكررة فى ملايين العائلات المصرية، فى المدن و الأرياف، بين الصعايدة و الفلاحين ، بين البدو و النوبيين...إلخ غير أن ماهو أجمل كان عندما حملت إبنتى ، وعلمنا ان المولود القادم أنثى، وأخذنا جميعا- كما يحدث فى تلك الأحوال دائما نتبارى فى طرح و اقتراح اسم الوافدة العزيزة الجديدة, وشارك الجميع :العمات و الأعمام ، والخالات والأخوال المنتظرون، والأقارب و الأصدقاء، واجتهدت ابنتى وزوجها فى تجميع الأسماء ، وطرح كل المعايير: هل نريد اسما تقليديا أم حديثا؟ هل نريد اسما سهلا أم ثقيلا ؟ هل نريد اسما يسهل تداوله فى كل اللغات و الثقافات أم اسما عربيا فخيما؟..إلخ وتركنا الأمر فى النهاية لهما بالطبع! وفى صباح يوم الميلاد ذهبنا إلى المستشفى نهنىء إبنتى بالسلامة بعد أن وضعت مولودتها، وتساءلنا جميعا: ما الإسم الذى رسيتما عليه؟ قالا لقد سجلنا الإسم بالفعل فى سجلات المستشفى، وقضى الأمر! وتلهفنا جميعا :ماهو ، قالا فى صوت واحد:ثريا! يالله، المفاجأة كانت رائعة، وفاضت عيوننا جميعا بالدموع، إنه إسم إمنا العظيمة التى رحلت عن عالمنا فى بداية هذا العام. شكرا لك ياابنتى، وشكرا لك يابنى العزيز، ياأبا ثريا!