د.أسامة الغزالى حرب
لسنوات طويلة نجحت المملكة العربية السعودية فى أن تنأى بنفسها عن التطورات الحادة التى زلزلت المنطقة منذ قيام الثورة الإيرانية قبل اربعة عقود.
وعندما شاركت فى حرب تحرير الكويت أو «عاصفة الصحراء»، كانت تلك المشاركة محكومة بإطار تحالف دولى واسع بقيادة الولايات المتحدة، وبموافقة الامم المتحدة. غير ان الوضع يختلف كثيرا اليوم، فالمملكة نفسها تغيرت كثيرا بما فى ذلك ظهور نخب سياسية شابة جديدة، والظروف والتحديات الإقليمية تزايدت وتعقدت، ووصل الأمر إلى ذروته بالحرب التى شنتها السعودية «الجديدة» ضد الحوثيين المدعومين من إيران، لتتفجر بذلك صراعات حادة جديدة ـ قديمة ، سواء فى صورتها القومية (العربية- الإيرانية) أو المذهبية (السنية- الشيعية)، و التى هى بالضرورة متداخلة بشدة! . إن قوات «التحالف» بقيادة السعودية مستمرة فى ضرب الحوثيين فى اليمن، وهى ضربات مؤثرة بالقطع ولكنها يصعب أن تحسم الصراع نهائيا، فضلا عن أنها سوف تترك اليمن ممزقا، وبالتالى مجسدا لتهديد مستمر لأمن جارته القوية، التى يدخل اليمن بلا شك فى نطاق «أمنها الحيوى» إذا جاز هذا التعبير.فى نفس هذا الوقت، و فى إطار ذلك المشهد، جاء التفجير الإرهابى الذى وقع يوم الجمعة الماضى فى محافظة القطيف شرق المملكة، ووفقا للأنباء فإن شخصا فجر نفسه بحزام ناسف داخل مسجد للشيعة، «فى أثناء الركعة الأولى من صلاة الجمعة»؟! وهو ماأدى إلى إصابة أكثر من خمسين شخصا. ليس هناك أدنى شك فى أن هذه الهجمات تستهدف إشعال صراع طائفى فى السعودية، خاصة مع انشغال البلاد فى حربها فى اليمن، غير ان استقرار السعودية هو أمر حيوى و ضرورى لاستقرار الإقليم كله، والسعودية كانت وسوف تظل حليفا استراتيجيا لمصر، ليشكلا معا حجر الزاوية للأمن العربى و لنظام عربى ينبغى أن نحرص على وجوده و استمراره وسط تحديات غير مسبوقة نعلمها جميعا. لذلك..و مثلما تشارك القوات المسلحة المصرية فى حملة عاصفة الحزم بقيادة السعودية، فإن من المطلوب ايضا ان تدعم مصر السعودية فى مواجهة الإرهاب الاسود الذى تتعرض له، و الذى يمكن ان يتزايد فى المستقبل ، و أن تقف معها فى مواجهة «دواعش السنة و دواعش الشيعة» على حد التعبير الدقيق الذى قرأته للداعية الإسلامى الحبيب الجفرى!