د.أسامة الغزالي حرب
لا يخالجنى أدنى شك فى أن قضية مصر الأساسية اليوم هى الثقافة، وإذا كانت هناك تعريفات متعددة للثقافة، فإننى أقصد بها كل القيم والعادات
وأنماط السلوك السائدة فى المجتمع، وأيضا كل أشكال الإبداع التى تنتجها النخبة. من هذا المنظور، فإن ثورتى 25 يناير و30 يونيو انطوت كل منهما على دلالة «ثقافية» لا شك فيها، الأولى، ثورة يناير، كانت بالغة الدلالة على تغيير هائل أدهش العالم كله فى ثقافة الشعب المصرى، من قيم وعادات الخنوع، والخضوع للحاكم وتزلفه والخوف منه والسلبية...إلخ ـ وهى القيم التى رصدتها كثير من الدراسات باعتبارها «ملامح» للشخصية المصرية ـ إلى قيم وسلوكيات الثورة والتمرد ورفض الخضوع لظلم الحاكم، وأكد المصريون- فى مفتتح عام 2011- أن من الخطأ الشديد الاستسلام للصور النمطية عن الشعوب، عندما خرجوا فى انتفاضة شعبية شاملة امتدت 18 يوما متواصلة انتهت بإرغام رأس النظام على التخلى عن الحكم. أما ثورة 30 يونيو فكانت هى المفاجأة الثانية التى عكست قيم الانفتاح والتسامح ونبذ الاتجار بالدين والشعارات الدينية، فى مجتمع عرف الدين قبل الأديان كلها، واثبتت مدى غربة «الإخوان» عن ثقافة الشعب المصرى وقيمه الأساسية. إننى على يقين من أن تلك الأفكار كانت حاضرة بقوة فى ذهن د. جابر عصفور، وزير الثقافة وهو يخاطب طلاب معهد إعداد القادة بحلوان منذ يومين، طالبا منهم أن يكونوا «عنيدين» وأقوياء، ويبصرهم بمخاطر خلط الدين بالسياسة. ولا غرابة فى ذلك، فالدكتور عصفور كان دائما- وبشكل لا مواربة فيه- من المناصرين والمدافعين عن الدولة المدنية . يتبقى بعد ذلك أن يتابع د. عصفور جهوده لنقل تلك الرسائل إلى كل شباب مصر، فى كل أنحائها، ولذلك فإننى أنتهز هذه الفرصة كى أحيى قراره باسناد مسئولية «قصور الثقافة» للشاعر والمبدع مسعد شومان، الذى لم اتشرف بمعرفته مباشرة، ولكننى تفاءلت كثيرا لإعلانه أن لديه استراتيجية كاملة للنهوض بقصور الثقافة والمنظومة الثقافية فى مصر. هذه تطورات مبشرة بلا شك، وتستحق كل تقدير وتشجيع، وإنا لمنتظرون!