د.أسامة الغزالي حرب
مثل كل عام يعلن السلفيون معارضتهم لشم النسيم و تحريمهم للاحتفال به، و مثل كل عام ايضا يخرج ملايين المصريين للاحتفال بشم النسيم! لا بأس، فإن اخلاص أتباع أى فصيل لمعتقداتهم ، أمر منطقى و مشروع، ينبغى احترامه طالما هم يدعون إليها بالحكمة و الموعظة الحسنة.
و ليس من المفترض ايضا ان احترام المصريين للسلفيين يعنى أن يأخذوا بكل ما يقولون أو يدعون إليه، هكذا كانت مصر، و سوف تظل. غير أن مايلفت النظر هنا أيضا، أن انتشار الافكار و الرؤى المتعارضة لهذا الفصيل أو ذاك من الفصائل الدينية أو السياسية انما يرتبط ليس فقط بالانفجار فى الأدوات الاعلامية، و إنما ايضا فى شبكات التواصل الاجتماعى على نحو غير مألوف من قبل.
فالسلفيون و الصوفيون و الشيعة و الإخوان...مثلهم مثل الفصائل السياسية المختلفة الليبرالية و اليسارية و القومية...إلخ و مثلهم أيضا مثل كافة الدعوات و الحركات الاجتماعية، اصبحت كلها أفكارها علنية و متاحة و موضعا للحوار الواسع، و الأهم من ذلك أنه اصبح بإمكان أى مواطن، اى فرد،على أى بقعة من الكرة الأرضية ، و من خلال هذه الأدوات أن يعبر عن رأيه و أن يتمكن من توصيله لملايين البشر، بدون ان يتحدث فى إذاعة أو تليفزيون، و إنما فقط من خلال كلمات و "تغريدات" ينقرها على الكمبيوتر أو اللاب توب!
أقول، هذا التطور الهائل غير المسبوق فى التاريخ يتيح للسلفيين و للدعوة السلفية – كما يتيح لغيرهم- فرصا هائلة للانتشار و التواصل، ولكنه يفرض عليهم فى نفس الوقت، و هذا ما أشدد عليه، ضرورة مراجعة، ليس فقط الأفكار التى يطرحونها، و التى قد يعبر بعضها عن قوالب جامدة منذ مئات السنين، و إنما أيضا تطوير الصياغات و الألفاظ التى يقدمون بها أفكارهم للناس. لقد وردت على ذهنى تلك الملحوظة وأنا أقرا تعليقا للسيد صلاح عبد المقصود- القيادى بحزب النور- على افكار الباحث الإسلامى "إسلام بحيري" يقول فيه انه "مثل من يتبول فى ماء زمزم ليشتهر بين الناس"! هذا تعبير شائع قديم، نعم..، ولكن هل هذا هوالأسلوب أو التعبير الأنسب للتعليق على كلام بحيري؟ أرجو أن تكون فكرتى قد وصلت!