بقلم : صلاح منتصر
كتب الأستاذ عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة الأهرام ونقيب الصحفيين أمس الأول مقالا مهما بالأهرام عن الصحافة المصرية دافع فيها عن اتهام التقدم التكنولوجى بأنه سبب انخفاض توزيع الصحف، مشيرا إلى مايحدث فى اليابان والهند وهما دولتان تحتلان قيادة التقدم التكنولوجى ومع ذلك فصحيفة واحدة فى اليابان هى صحيفة (يوميوري) توزع أكثر من عشرة ملايين نسخة، بينما توزع الصحف فى الهند 310 ملايين نسخة ورقية بما يوازى نحو 30 % من عدد السكان تقريبا.
وهو قول صحيح يرجع لأسباب خاصة بعادات وطبيعة المجتمعين، لكنه ليس سائدا فى جميع الدول المتقدمة بدليل إغلاق عدد من الصحف والمجلات الشهيرة فى أمريكا وأوروبا نتيجة الأعباء المادية وتحويلها من ورقية إلى إلكترونية فى الوقت الذى يبدو فيه الاتجاه واضحا إلى إحلال الصحافة الإلكترونية محل الورقية.
مصر أوضح مافى صحافتها انخفاض توزيع الصحف ليس بسبب توجه القراء إلى استخدام الوسائل الإلكترونية، فما زال استخدام هذه الوسائل محدودا ، وإنما جاء الانخفاض بسبب ظهور أجيال حتى وإن كانت قد تعلمت فى المدارس والجامعات إلا أنها لم تعرف قراءة الصحف . وهو أمر يبدو غريبا للوهلة الأولي، لكن من يتمعن من القراء فى كيف بدأ هو تعلم قراءة الصحف وتعود الإمساك بالصحيفة، يجد أن هذه العادة بدأت فى البيت، من صحيفة يقرأها الأب ويعود بها إلى البيت وكتاب فى مكتبة جمع فيها الأب الكتب التى قرأها فامتدت إليها يد الطفل وعرف معنى الكتاب.
والذى حدث ـ وهذا تشخيص لحالة عشناها ـ أن ملايين الآباء الأميين الذين لم يتعلموا أدخلوا أولادهم المدارس للتعلم وهذا حقهم. إلا أن هؤلاء الأبناء لم يجدوا صحيفة أو كتابا فى بيوتهم لأن الآباء لا يقرأون. وبالتالى لم يعرف الأبناء متعة قراءة صحيفة أو كتاب. وهذه هى أصل المشكلة: زيادة سكانية رغم زيادة المتعلمين فيها، ولكن دون أن يصحبها زيادة فى القراء فكان طبيعيا أن ينخفض توزيع الصحف وتزداد مشكلاتها...
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام