صلاح منتصر
ظل ميل الشعوب إلى الانفصال سواء بالقوة أو الرضا عن طريق الاستفتاءات ، هو الغالب منذ الحرب العالمية الثانية والذى شهد انفصال النرويج عن السويد (1944) وباكستان عن الهند (1947) وبنجلاديش عن باكستان (1971) وانفصال إريتريا عن إثيوبيا وتيمور الشرقية عن إندونيسيا وجنوب السودان عن شمال السودان وانفصال جنوب اليمن عن شماله ،
إلى جانب الدول التى انفصلت عن يوجوسلافيا وعن الاتحاد السوفيتى ، مما كان يبدو معه طبيعيا أن يختار شعب إسكتلندا الانفصال عن المملكة المتحدة الذى له 300 سنة وهو مرتبط بها ، ولكن التجربة الإسكتلندية خيبت المراهنين على الانفصال . فقد جاءت نتيجة الاستفتاء لتكشف أن 84% من المسجلين فى كشوف الانتخابات ـ وهى نسبة قياسية ـ قد شاركوا فى الاستفتاء وأن 55.3% اختاروا عدم الاستقلال . وهكذا بقيت اسكتلندا التى تضم 5.2 مليون نسمة جزءا من المملكة المتحدة التى تضم إنجلترا وإيرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز .
تم الاتفاق على هذا الاستفتاء منذ عامين وخلال هذه الفترة جند دعاة الاستقلال بقيادة رئيس وزراء اسكتلندا اليكس سالموند جهودهم لإغراء شعب اسكتلندا بتذوق طعم أن يكون دولة مستقلة . وكان أهم ورقة لعب بها الوحدويون عدم وجود شعور بالعداء بين اسكتلندا وبريطانيا ، فى الوقت الذى بدا فيه أن الإنفصال سيحرك مشكلات كثيرة نائمة سيواجهها الإسكتلنديون عند الاستقلال على رأسها الوضع الاقتصادى والعسكرى وقواعد الأسلحة النووية لبريطانيا فى اسكتلندا ومستقبل المؤسسات المالية المشتركة وبترول بحر الشمال وطريقة توزيعه والجنيه الإسترلينى الذى هددت بريطانيا أنها ستحرم اسكتلندا من التعامل به ، وهكذا .. مما جعل ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا يحذر الإسكتلنديين من » التكاليف الضخمة للطلاق المؤلم الذى سيقع بالانفصال » .
ولم تكن اسكتلندا وحدها هى الجانب الخاسر فى عملية الانفصال ، فعلى الجانب الآخر كانت بريطانيا فى حالة اختارت اسكتلندا الانفصال ستفقد 30% من مساحتها وإمكانات اقتصادية وبترولية ومفاوضات معقدة حول العملة وقواعدها النووية فى اسكتلندا .
ولهذا كان الإهتمام الأوروبى والعالمى كبيرا بنتيجة الاستفتاء الذى اختارت الغالبية فيه صوت العقل على العاطفة . وفور إعلان النتيجة اعترف »سالموند « بهزيمته وأعلن استقالته من منصبه .. وتحيا الديمقراطية الحقيقية !