صلاح منتصر
أمس الأول الثلاثاء «طقت فى دماغى» أن أفى بوعدى للمهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، وأزور وسط القاهرة لأشهد على الطبيعة آثار الحرب التى يرعاها لإعادة الوجه الحضارى للقاهرة المحروسة .
بدأت فور صلاة الظهر من الزمالك فى الواحدة وعشر دقائق ، وحتى لا تكون الجولة بلا هدف ،اخترت الذهاب لمكتبة الأهرام فى ميدان الاوبرا لشراء الموسوعة العظيمة التى أفنى فيها العالم الراحل ثروت عكاشة عمره ليقدم للمكتبة العربية تاريخ الحركة الفنية العالمية فى سبعة مجلدات يتضاءل الثمن الذى تباع به ( اقل من 150 دولارا ) أمام متعة التنقل بين فنون كل العصور من النهضة إلى الباروك والروكوكو والبيزنطى وغيرها .
اجتزنا كوبرى الزمالك إلى أول شارع فؤاد ولأول مرة لا نمر وسط مئات عربات اليد التى كانت تسد جانبى الطريق ووسطه، وهى محملة بقطع الملابس المستوردة بالبالات، وقد لاحظت أن محال الشارع كلها، باستثناء عدد محدود أصبحت متخصصة فى هذه التجارة، الواضح أنها بقايا المحال الكبيرة العالمية الشعبية الرخيصة ولابد من التخلص منها ولو ببلاش لأن تخزينها يجاوز سعرها .
من شارع فؤاد اتجهنا يمينا إلى شارع الجلاء ثم استدرنا لندخل شارع رمسيس وندخل شارع ثروت، حيث توجد نقابتا المحامين والصحفيين، مخترقين شارع شامبليون إلى الجانب الآخر من الطريق وهو جزء لايتجاوز طوله مائة متر، ولكننا نجحنا فى اجتيازه وحده دون مبالغة فى 35 دقيقة بسبب الإشارة التى تطل على شارع طلعت . أحسست أننا لا نسير وإنما نسبح ضد التيار فى بحر من السيارات كثير منها لايعرف قواعد العوم. سجلت فى مفكرة كنت أحملها مواعيد تحركنا حتى وصلنا ميدان الأوبرا فى الثانية والنصف . وفى سبع دقائق أنهيت شراء موسوعة الفنون وبدأنا رحلة العودة من شارع الجمهورية إلى فؤاد إلى شريف إلى طلعت حرب إلى ميدان التحرير فكوبرى قصر النيل فشارع الجزيرة إلى الزمالك .
أسجل أننى لم أجد فى جولتى بائعا متجولا واحدا ولكننى، وجدت عالما سبحانه وحده الذى يدبر حاله. وقد انتهت الرحلة فى الخامسة إلا عشر دقائق. وأشهد أنها علمتنى الصبر ، وألا أغامر بنزول وسط البلد إلا لأمر خطير مع حسن اختيار مواعيد الرحلة !