«ديكتاتورية الديمقراطية»

«ديكتاتورية الديمقراطية»!

«ديكتاتورية الديمقراطية»!

 عمان اليوم -

«ديكتاتورية الديمقراطية»

د. وحيد عبدالمجيد

نجحت القوى الحية فى الطبقة الوسطى التركية التى توسع نطاقها خلال السنوات العشر الأخيرة فى وقف عملية تحول النظام الديمقراطى إلى ديكتاتورية جديدة سعى أردوغان لتوليدها من رحمه. وقفت هذه الطبقة، التى يعود لسياسات حزب أردوغان «العدالة والتنمية» الفضل فى توسعها وتناميها، ضد محاولته تأسيس ديكتاتورية عن طريق الديمقراطية. وحافظ القطاع الأكبر فى هذه الطبقة على عقله، فلم تنطل عليه محاولة مقايضة الديمقراطية بتحسين مستوى الحياة التى تخلو من أى معنى إنسانى فى غياب الحرية.

ولم يكن الأتراك، وفى مقدمتهم أحرار الطبقة الوسطى، أول من واجهوا خطر ما يجوز تسميته «ديكتاتورية الديمقراطية»، رغم أن المصطلح الشائع فى هذه الحالة هو «ديكتاتورية الأغلبية» حيث يظن حزب أو رئيس أن الحصول على «أغلبية مطلقة» يعطى تفويضاً مطلقاً غير مشروط.

غير أن مفهوم التفويض المطلق يناقض الأساس الذى تقوم عليه الديمقراطية باعتبارها عملية ذات طابع نسبى. فالتفويض الديمقراطى محدود زمنياً حتى موعد الانتخابات التالية، ومقيد موضوعياً بالقواعد المنظمة للعملية السياسية والتى لا يجوز لأى حزب أو رئيس أن ينفرد بتغييرها دون توافق بين مختلف مكونات المجتمع. كما أن التفويض فى النظام الديمقراطى يخضع للمراقبة والمساءلة والمحاسبة.

فإذا انفلت التفويض الانتخابى من هذه المقومات الشروط فى حالة منح الشعب أغلبية مطلقة لحزب أو لرئيس، يكف عن أن يكون ديمقراطياً ويتحول إلى ديكتاتورية تولد من رحم نظام ديمقراطى فى غفلة من الشعب وقواه الحية أو فى حالة وهن هذه القوى. وتحمل هذه الديكتاتورية فى طياتها موت القوى الحاضنة للتطور الديمقراطى، بالتوازى مع موت السياسة فى المجتمع.

وقد نجا الأتراك من هذا المصير، وقدموا تجربة ملهمة فى مقاومة التحول إلى نوع من الديكتاتورية كان ألكس دى توكفيل أول من انتبه إليه منذ ما يقرب من قرنين فى كتابه العمدة (الديمقراطية فى أمريكا) الصادر عام 1835. ورغم إعجاب دى توكفيل الشديد بالنظام السياسى الناشئ حينئذ فى الولايات المتحدة، وقد كانت دولة جديدة مجهولة حتى لكثير من الأوروبيين، فقد نبَّه إلى ضرورة تعزيز هذا النظام بما يحول دون ما سماه «استعباد البلد كله عن طريق أغلبية ما فى وقت ما».

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ديكتاتورية الديمقراطية» «ديكتاتورية الديمقراطية»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab