د. وحيد عبدالمجيد
«لسنا من يُطلق عليهم سلفيون أشرار». هنا يستطيع المرء العيش. أدعوكم إلى الجهاد. الجهاد ممتع جداً. هذه هى رسالة مغنى الراب الألمانى المشهور دينيس كوسبرت (المكنى أبو طلحة الألمانى) الذى انضم إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» الذى مازالت كلمة زداعشس ملتصقة به.
وجه كوسبرت هذه الرسالة إلى الألمان عبر زفيديوس ذى تقنية عالية تم تصويره فى سوريا. ويثير انجذاب كوسبرت وآلاف غيره من الأوروبيين إلى هذا التنظيم السؤال عن مدى فاعلية غارات جوية فى مواجهة تنظيم يمتلك هذه القدرة على جذب شباب من دول أوروبية عدة، ويستطيع التواصل بسهولة مع الشباب فى كل مكان عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
كيف تواجه حرب أمريكية ذ عربية عمياء تنظيماً يذبح على الملأ، ولكنه يقدم فى الوقت نفسه صورة جديدة مختلفة عن كل ما وقر فى الأذهان عن تنظيمات العنف والإرهاب قبله؟
ففى الوقت الذى يذبح مقاتل غربى من أعضائه صحفيين أمريكيين، يظهر مقاتل آخر قد يكون سويسريا فى فيديو مثير، وهو يبدو منتشياً خلال توقيعه على علبة شوكولاتة سويسرية من نوع «توفيللا» فى أحد دكاكين مدينة قد تكون سورية أو عراقية.
ولا يقل إثارة، بل يزيد، ذلك «الفيديو» الذى يظهر فيه عدد من مقاتلى التنظيم وقد اجتمعوا حول مائدة للعب البلياردو لمخاطبة أوسع شرائح شبابية ممكنة فى الغرب وتقديم صورة توحى بأن هذا التنظيم ليس ضد الحداثة التى يتيح بعض أشكالها، متوجها بذلك إلى شباب يمكن أن تستهويه المغامرة التى لا تخلو من نجومية فى بعض الأحيان.
وإذا كانت الحرب العمياء على الطريقة الأمريكية لم تقض على تنظيم «القاعدة» الكئيب الذى افتقد أيا من عناصر الجذب المتوفرة لدى تنظيم «الدولة الإسلامية» فهل ستكون أكثر جدوى فى مواجهة هذا التنظيم؟ وإذا كان «تنظيم القاعدة» الذى قدم صورة بائسة عن الجهاد مازال مستمراً حتى الآن، فهل سيندثر تنظيم «الدولة» المناور والقادر على تقديم صورة «ممتعة» للجهاد جذبت آلافا يصعب تقدير عددهم من الأوروبيين.
ولذلك فعلى الدول العربية التى تشارك بأشكال ودرجات متفاوتة فى حرب أمريكية عمياء أن تنتبه إلى أن شباباً منها يمكن أن يعَّوضوا من تقتلهم هذه الحرب، مادام تنظم «الدولة» قادراً على تقديم صورة جاذبة لـ «جهاد ممتع».