بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يتطلب تقييم الأعمال الدرامية التى تُعرض منذ بداية رمضان فريقاً متخصصاً فى عدة مجالات ومتفرغاً لهذا العمل طول الوقت. ولكن عدم امكان إجراء مثل هذا التقييم لا يمنع من إبداء ملاحظات تعتمد على مشاهدة بضع حلقات أو أجزاء من حلقات معظم المسلسلات لتكوين فكرة عامة عن كل منها، وإلقاء نظرة سريعة على أكبر عدد ممكن من الإعلانات التى تتخللها. ويتيح هذا المنهج استخلاص ست ملاحظات عامة.
الأولى هى استمرار حالة التعامل مع رمضان بوضعه شهراً للإفراط فى الاستهلاك، إلى حد أن “عبادة” السلع صارت هى الطقس السائد فيه، بما ينطوى عليه ذلك من تكريس ثقافة بائسة يزداد خطرها فى مجتمع يفقد كل يوم جزءاً مما بقى فيه من ثقافة الإنتاج والعمل والإنجاز.
والثانية هى الخواء العقلى الغالب فى أعمال درامية تكرَّس حالة غير طبيعية يمر بها مجتمع تعانى العلاقات فيه تشوهاً متزايداً، وتتسم فى كثير من الحالات بالقسوة، بل بالوحشية فى بعض الأحيان.
والملاحظة الثالثة هى السطحية غير المعقولة فى كثير من الأعمال الدرامية. وليس هناك عيب فى إنتاج عمل درامى يهدف إلى التسلية والترفيه لأنهما يمثلان حاجة أساسية للناس.
وثمة ملاحظة رابعة بشأن كثرة الأعمال التى تعتمد على الجريمة بطريقة سطحية تفتقد العمق الذى يتميز به الكثير من أعمال “الأكشن” فى العالم اليوم.
أما الملاحظة الخامسة فهى تواضع مستوى الأعمال الثلاثة التى يمكن أن يُطلق عليها كوميدية بشىء من التحفظ. فهى مزيج من “الديالوجات” الهزلية، والقفشات المفتعلة التى قد ينجح بعضها فى انتزاع ضحكات المشاهدين، ولكنها لا تترك أثراً ويصعب عليهم تذكرها بعد أيام أو أسابيع.
وتبقى ملاحظة سادسة هى غياب المسلسلات التاريخية التى كانت نقطة ضعف فى تاريخ الدراما المصرية باستثناءات نادرة حتى فى أكثر مراحلها ازدهاراً. ولم يستوعب أحد تجربة المسلسلات التاريخية التى نقلت الدراما التركية من الهامش إلى الصدارة من حيث معدلات الإقبال عليها فى العالم العربى.