بقلم ـ د. وحيد عبدالمجيد
تتحول الفتاة الفلسطينية الصغيرة عهد التميمى يوماً بعد يوم إلى أسطورة فى عالم النضال من أجل التحرر الوطنى ومواجهة الاستعمار. يزداد اهتمام المجتمع الدولى بقضية عهد، التى صفعت ضابطاً إسرائيلياً اقتحم ساحة منزل عائلتها فى قرية بوسط الضفة الغربية، فاعتقلتها سلطة الاحتلال وأحالتها الى المحاكمة.
صارت عهد أيقونة ورمزاً ملهماً لجيل جديد من الفلسطينيين يقاوم الاحتلال بطريقته، وفرضت قضيتها فتح نقاش فى كثير من الأوساط الإسرائيلية. وفى مقابل محاولة سلطة الاحتلال تشويه صورة عهد، والتشكيك فى فلسطينية عائلتها، تعاطف معها بعض الإسرائيليين، ورفعها عدد منهم إلى مرتبة الأبطال، مثل الكاتب وداعية السلام المعروف يورى افنيرى الذى رأى فيها جان دارك فلسطينية، وذَّكر بقصة البطلة الفرنسية التى ظهرت فى لحظة انكسار شديد فى القرن الخامس عشر، بعد الهزيمة أمام إنجلترا، فرفعت معنويات الشعب، وقادت القوات التى واصلت المقاومة إلى عدة انتصارات. ولكن الخيانة أتاحت للإنجليز إلقاء القبض عليها، حيث أُعدمت بعد محاكمة سريعة، وهى فى التاسعة عشرة، بتهمة الزندقة إمعاناً فى تشويهها، بدعوى أن حديثها عن رؤى ليلية ألهمتها روح المقاومة يُعتبر نوعاً من إدعاء الوحى. ورغم محاولات تشويهها، لم يمض ربع قرن حتى قرر البابا كاليستوس الثالث إعادة محاكمتها عن طريق لجنة مختصة قضت ببراءتها من التهم التى وُجهت ضدها، وأُعلنت شهيدة عام 1456. وبعد أربعة قرون ونصف قرر البابا بيوس العاشر تطويبها فى كاتدرائية بباريس عام 1909، ثم أُعلنت قديسة عام 1920.
ولذلك لن تفلح محاولات سلطة الاحتلال تشويه عهد التميمى من خلال حملة تضليل تهدف إلى التشكيك فى فلسطينيتها بسبب لون شعرها وعينيها (الشقراء ذات العينين الزرقاوين)، والزعم بأنها تؤدى دوراً مرسوماً لها، فى «مسرحية» لتسخين الوضع فى الأراضى المحتلة.
لم تفلح هذه المحاولات ليس فقط لأنها تقوم على أكاذيب يسهل كشفها، ولكن أيضاً لأن بعض الإسرائيليين يتعاطفون معها. ورغم أن الشاعر يوناثان جيفن تراجع تحت ضغوط شديدة عن وضعها مع من يعتبرهن اليهود بطلات المحرقة النازية «الهولوكوست»، مثل آفى فرانك وحانا سينشى، امتلك رام كون مدير مدرسة «تيخونت» بتل أبيب الشجاعة لتأكيد أنها (ستحظى بالبطولة فى نظر العالم شئنا أم أبينا).
نقلًا عن جريدة الأهرام