بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
هل يمكن تقدير عدد البشر الذين يعانون الجوع فى العالم، وتصنيفهم حسب مستوى حاجاتهم إلى أبسط الحاجات الأساسية للإنسان على الإطلاق وهو الحصول على قدر من الطعام يُبقيه حياً؟
الإجابة صعبة. ليس كل من يعيشون تحت خط الفقر عاجزين عن الحصول على الحد الأدنى من الطعام. المتوسط العام للتقديرات المختلفة بشأن عدد من يعيشون تحت خط الفقر يبلغ نحو مليار شخص. الذين ينهشهم الجوع عددهم أقل حسب تقديرات حديثة لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
تفيد هذه التقديرات أن عدد البشر الذين يعانون نقصاً فى الغذاء ارتفع من 777 مليوناً عام 2015 إلى 815 مليوناً عام 2016، أى حوالى 11% من سكان العالم. وأخطر ما فى هذه التقديرات ارتفاع نسبة الأطفال الجائعين الذين يُهَّدد نقص الغذاء بإصابتهم بأمراض خطيرة وأوبئة.
وليس جديداً أن يكون 11% من البشر جائعين رغم وجود غذاء كاف فى العالم لإطعام الجميع. فقد تقلصت آمال تقليص الفجوة بين من يستحوذون على القسم الأكبر من ثروة العالم، ومن لا يجدون قوت يومهم، وازداد التفاوت الاجتماعى بمعدلات لا إنسانية. وتبدو هذه الزيادة فى داخل كل بلد من بلدان العالم تقريباً أكثر منها بين الدول الأكثر ثراء والبلدان الأكثر فقراً.
ويعنى ذلك أن كل “الفيديوهات” المتداولة عن نقص الغذاء فى مخيمات اللاجئين الفارين من حروب أو صراعات عنيفة، وآخرها فى بنجلاديش، لا تُمَّثل إلا جزءاً صغيراً من حالة الجوع الذى ينهش البشر فى العالم.
ولكن أهم ما يعنيه هذا أن الأمم المتحدة ومنظماتها، التى ينفق عليها ما يكفى لإطعام نسبة كبيرة من جائعى العالم، لا تستطيع سوى رصد المشاكل وإعداد تقارير عنها، وأن التدهور الذى تتعرض له النزعة الإنسانية فى المجتمع الدولى يُنبئ بأن الجوع سيتفشى أكثر وسينهش المزيد من البشر. وفى ظل هذا الوضع، كان طبيعياً أن يدير الجميع ظهورهم للإخفاق الذريع فى تحقيق معظم ما تضمنه إعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية الصادر فى سبتمبر 2000، ومنه التعهد بأن (نخفض إلى النصف بحلول سنة 2015 نسبة سكان العالم الذين يقل دخلهم اليومى عن دولار واحد، ونسبة سكان العالم الذين يعانون من الجوع).