بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
كثيرة هى الالتباسات فى موضوع المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر فى مصر رغم أن إلقاء نظرة على التجارب العالمية فى هذا
المجال يكفى لتوضيح ما يؤدى غموضه إلى مثل هذه الالتباسات، فهناك اعتقاد لدى غير قليل من المسئولين فى الوزارات الاقتصادية والبنوك بأن المشاريع الصغيرة تحظى باهتمام كبير بالفعل. ولكن حين تتأمل ما يقولونه تجد أنهم يتحدثون عن شىء آخر. تحدث أحد كبار المسئولين فى البنك الأهلى على سبيل المثال قبل أيام عن أن هذا البنك وحده قدم قروضا للمشاريع الصغيرة والمتوسطة قيمتها 3.5 مليار جنيه خلال الفترة الماضية.
والرقم كبير بالفعل، ويكفى لإقامة عدد هائل من المشاريع الصغيرة والمتوسطة قد يصل إلى 30 أو 40 ألفا فى حالة ربط هذه المشاريع بمنظومة متكاملة.
لكن عندما يقول المسئول الكبير فى البنك الأهلى فى التصريح نفسه إن القروض التى بلغت 3.5 مليار جنيه قُدمت إلى خمسة آلاف عميل فقط، فهذا يعنى أن كلاً منهم حصل على قرض قيمته ستمائة ألف جنيه فى المتوسط العام، وهذا دليل واضح على وجود التباس بشأن مفهوم المشروع الصغير والمتوسط، وغياب مفهوم المشروع المتناهى الصغر بشكل كامل. فالمشروع الذى يبدأ برأسمال ستمائة ألف جنيه لا يمكن أن يكون صغيرا، ولا متناهى الصغر بالطبع، كما أن الكثير من المشاريع المتوسطة يقل رأسمالها عن هذا المبلغ.
وربما يستغرب البعض إمكان إقامة مشاريع إنتاجية بمثل هذا المبلغ، لأن ثقافتنا السائدة عن المشاريع الصغيرة تتركز فى «الأكشاك» غير أن المقصود هنا الورش الصغيرة التى يتخصص كل منها فى منتج صناعى آلى (عصر فواكه أو تجفيف خضر أو منتجات ألبان مثلاً) أو يدوى، ومزارع تربية الدواجن والأرانب وما إلى ذلك، وغيرها من المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر.
والمهم هو ربط هذه المشاريع فى كل مركز، ثم على مستوى المحافظة، بمنظومة واحدة من خلال خطة تتضمن المشاريع التى سيتم تخصيص القروض لها، حتى لا يُترك المقترض للتجربة والخطأ بشكل عشوائى.