بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يتميز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بعقلية تجارية متقدة وقادرة على تحقيق المكاسب. المستثمرون أو المُطوَّرون العقاريون يكتسبون هذه الميزة ضمن الخبرات التى يحصلون عليها من عملهم فى قطاع يتسم بدرجة عالية من التنافسية فى الأغلب الأعم.
ولكن العقل التجارى لا يكفى لصنع سياسة اقتصادية ناجحة فى هذا العصر. وتبدو توجهات ترامب الاقتصادية دليلاً جديداً على ذلك، وخاصة إيمانه بأن خفض الضرائب يؤدى إلى ارتفاع معدلات الاستثمار، واعتقاده فى أن توفير حماية للصناعة الأمريكية يتيح ازدهارها.
فقد تبين على مدى أكثر من نصف قرن خطأ السعى إلى توسل الاستثمارات عن طريق خفض الضرائب. وتفيد التجارب أن معدلات الضرائب ليست إلا عنصراً واحداً من العناصر التى يُحدد المستثمر على أساسها اختياراته. يقارن المستثمر مثلاً بين معدلات الضرائب، ومستويات الأجور، فى البلد الذى يفكر فى الاستثمار فيه. تجارب بعض الولايات الأمريكية فى هذا المجال تلفت الانتباه. خفض الجمهوريون فى ولاية كنساس الضرائب منذ عام 2013، حتى صارت الأقل بين الولايات الأمريكية. ولكنها صارت الأقل فى معدل النمو أيضاً، لأن خفض الضرائب لم يُعوَّض الأثر السلبى لتداعى الخدمات الحكومية وضعف البنية التحتية.
كما ثبت أن السياسات الحمائية تُضعف الإنتاج المحلى، لأنها تغرى بالتوقف عن تطويره فى غياب المنافسة, بدون زيادة فى فرص العمل0 يمكن لهذه السياسة أن تؤثر فى نوع الوظائف, وليس فى حجمها0 قد تزداد الوظائف مثلاً فى صناعات تحميها الرسوم الجمركية0 ولكنها ستقل فى الصناعات التى ستزداد تكلفة الانتاج فيها بسبب ارتفاع قيمة مستلزماتها المستوردة0 كما أن الاعتقاد الخاطئ فى ارتباط تناقص الوظائف بتحرير التجارة يصرف الانتباه عن تنامى أثر ما بات يُسمى بالثورة الصناعية الرابعة التى يزداد فى ظلها تصنيع أنظمة ذاتية معقدة0
ويزداد فى كل يوم أثر هذه الثورة على سوق العمل حيث يقل الطلب على العمالة فى بعض القطاعات الاكثر تطورا, على نحو يفوق أى أثر قد يترتب على تحرير التجارة.