بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
حين وصلنى كتاب الأستاذ رجب البنا لماذا تخلف المسلمون؟، تذكرت أياماً جميلة قضيناها معاً حين كان لمؤسسة الأهرام مبنى واحد (المبنى الرئيسى الآن) فى وسط القاهرة. جمعت غرفة واحدة فى الطابق الرابع مكتبى المثقفين المتميزين الأستاذ رجب البنا، والراحل الكبير الأستاذ سامى خشبة، لفترة من الوقت. كما جمعت كليهما علاقة قوية مع عدد من خبراء مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية.
كان مقر المركز وقتها فى الطابق السادس، الذى شغل خبراؤه وباحثوه المحدودو العدد وقتها جزءاً منه، بينما كان مكتب مديره الراحل الكبير الأستاذ السيد يسين فى الطابق الخامس.
وأذكر زياراتى إلى الأستاذ رجب البنا، والأستاذ سامى خشبة، وأحاول أن أتذكر ما دار من نقاشات ثرية بيننا فى مرحلة كان الاهتمام بقضايا الثقافة والفكر والمجتمع واسعاً فى أوساط العاملين فى الأهرام. أيام رائعة عُدت بذهنى إليها حين بدأت فى مطالعة كتاب الأستاذ رجب البنا الحافل بأفكار مهمة طرحها فى معالجته موضوعاً شغل كثيرين، ومازال، منذ أن أصدر الكاتب اللبنانى شكيب أرسلان كتاب لماذا تأخر المسلمون.. ولماذا تقدم غيرهم فى ثلاثينيات القرن الماضي.
كثيرة هذه الأسباب. لكن الكاتب تمكن بأسلوبه الرشيق من بلورة أهمها مثل أوضاع المرأة التى مازالت تعانى تمييزاً متفاوتاً فى المجتمعات الإسلامية، ونقص الحريات فيها بدرجات متفاوتة أيضاً وخصوصاً الحرية الدينية، وسوء فهم الدين، واستغلاله لمآرب سياسية، وتحريف معانى الشريعة، والأمة، والحكم، والإيمان، والكفر، والجهاد، وصولاً إلى ما يسميه تركيب مفاهيم دينية تختلف عن جوهر الإسلام، ونشرها فى المجتمع اعتماداً على الجهل وضعف القدرة على التفكير النقدي، ورسم صورة مشوهة لليبرالية، والجمود الفكري، والانغلاق العقلي، والتفكير الخرافي.
ويرى الكاتب أن العقل والحرية هما الجناحان اللذان يمكن أن نقلع بهما فى الانتقال من التخلف إلى التقدم، وأن الخطوة الأولى فى هذا الانتقال هى تنمية القوة البشرية، وبالتالى مراجعة أوضاع التعليم، والأخذ بمفاهيمه وأساليبه الحديثة، ووضعه فى صدارة قائمة الأولويات، من أجل تجاوز حالة الفقر العلمى والفكري، وتوفير المقومات اللازمة لمجتمع العقل والمعرفة والعلم، وتشجيع كل ما يؤدى إلى التجديد والإبداع والابتكار، وإطلاق الطاقات الخلاَّقة الكامنة فى المجتمع.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام