بقلم ـ د. وحيد عبدالمجيد
توحي الأنباء التي تتدفق كل يوم تقريباً عن التحقيقات الجارية في قضية احتمال حدوث تدخل روسي في الانتخابات الأمريكية الأخيرة بأن الرئيس دونالد ترامب بات مُهدَّداً، وأن العزل من منصبه قد يكون مصيره. وإلي جانب التحقيقات التي يشرف عليها المُحقَّق الخاص روبرت موللر، يستمع الكونجرس إلي شهادات وإفادات من أشخاص لهم علاقة بهذه القضية، وأعطي تشكيل هيئة محلفين انطباعاً قوياً بأن القضية بدأت تدخل مرحلة متقدمة، فليس معتاداً تشكيل مثل هذه الهيئة مالم تكشف التحقيقات قرائن تدل علي حدوث انتهاك قانوني0
ويزداد هذا الانطباع كلما توسعت دائرة التحقيقات، وازداد أعداد من يطلب الكونجرس والمحقق الخاص وهيئة المحلفين سماع شهاداتهم وإفاداتهم، ويضاف الي ذلك أن التحقيقات تطورت باتجاه فحص وثائق تjعلق بمعاملات ترامب التجارية, والدلالات السياسية لبعضها، ويخلق هذا كله أجواء توحي بأن ترامب بات مُهدَّداً، وخاصة بعد استدعاء نجله وصهره وآخرين من أقرب القريبين إليه.
غير أن المعطيات المتوافرة تفيد أن ترامب لم يدخل مرحلة الخطر حتي الآن، وأنه من الصعب مقارنة موقفه بحالة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون الذي وُجهت إليه رسمياً تهمة التأثير في سير العدالة بعد قراره إقالة القاضي الذي كان يُحقق في قضية ووترجيت أورشيبالد كوكس عام 1974. فقد توافرت أدلة حاسمة علي أن نيكسون استخدم سلطته لمصلحة حزبه (الجمهوري)، وقام بتسهيل أعمال تجسس علي الحزب الديمقراطي، ثم أقال القاضي الذي حقَّق في القضية بعد أن قطع شوطاً بعيداً في مهمته، وكان موقفه بالغ السوء إلي حد أن الكثير من أعضاء حزبه في الكونجرس تخلوا عنه لكي لا يفقدوا ثقة ناخبيهم، ولذا بادر بالاستقالة قبل أن يُحاكم أمام مجلس الشيوخ ويُدان.
وهذه هي الحالة الوحيدة التي كان فيها العزل مصير رئيس أمريكي ما لم يبادر بالاستقالة قبل أن يدان، كما تختلف حالة ترامب حتي الآن عن حالتين أخريين مثل فيهما رئيسان سابقان أمام الكونجرس، وبرأهما مجلس الشيوخ في النهاية، وهما أندرو جاكسون عام 1867، وبيل كلينتون عام 1998.
ولكن رغم أن احتمال توجيه اتهام رسمي إلي ترامب ليس مطروحاً اليوم, فهو ليس مستبعداً في ضوء التوسع المستمر في نطاق التحقيقات, والتسارع الملحوظ في وتيرتها.