بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
نفدت خلال ساعات الطبعة الأولى للكتاب، الذى أصبح أكبر مصدر لإزعاج الرئيس دونالد ترامب منذ دخوله البيت الأبيض، رغم تهديد ناشره باتخاذ اجراءات قانونية لمنعه. ربما أسهم هذا التهديد فى الاقبال على الكتاب.
حرية النشر والتعبير فى الولايات المتحدة أقوى وأكثر رسوخاً مما تصور من فكروا فى منع إصداره بدعوى أنه يتضمن مزاعم خاضعة للتحقيق فى قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية. صدر كتاب «نار وغضب- داخل بيت ترامب الأبيض»، مثيراً أوسع جدل حول رئيس أمريكى منذ ذلك الذى ارتبط بموضوع العلاقة بين الرئيس الأسبق بيل كلينتون والمتدربة فى البيت الأبيض مونيكا لوينسكى عام 1998.
يتعذر الحكم على أهمية الكتاب قبل الإطلاع عليه. ما يُنشر عنه لا يكفى لتكوين فكرة كافية عن منهجية مؤلفه الذى أجرى لقاءات داخل البيت الأبيض على مدى نحو شهر. أكثر ما يثير الضجة هجوم ستيف بانون على ترامب، بعد أن كان أحد أهم أركان حملته الانتخابية، ثم كبير مستشاريه للشئون الاستراتيجية، قبل أن يستقيل أو يُقال نتيجة صراعات شللية داخل البيت الأبيض. انتصرت عليه شلة كوشنر صهر الرئيس. ورغم أن بانون أعلن عند مغادرته البيت الأبيض أنه سيظل مقاتلاً فى صف ترامب ضد خصومه فى الكونجرس والإعلام، فقد انقلب عليه وتحول لـ«القتال» ضده. لم يستطع بانون التخلص من شعوره بكراهية كوشنر. أعاد بانون طرح واقعة الاجتماع الذى عُقد فى برج ترامب فى يونيو 2016 مع محامية روسية، معتبرا أنه حتى إذا كان أمراً تافهاً، وليس نوعا من الخيانة، كان يتعين إحاطة مكتب التحقيقات الفيدرالى علماً به. ولكن بانون، الذى شعر متأخراً جداً بخطأ محاولة اغتيال كلينتون معنوياً، فعل الشىء نفسه مع ترامب عندما تحدث عنه بطريقة تسىء إلى «سمعته الشخصية». فليس مجرد استهزاء به حديث بانون عن أن ترامب تعامل مع الانتخابات كنوع من التسلية، بل محاولة للحط من شأنه، وإقناع مزيد من الأمريكيين بأنه الرجل الخطأ فى المكان الخطأ.
غير أن انقلاب بانون على ترامب ليس فريداً فى عالم السياسة الملىء بأوحال تزداد أخطار الغوص فيها كلما اشتد سحر السلطة وأغوى من يملكونها، ومن يفقدونها على حد السواء.