احتضر حلمه  فمات

احتضر حلمه .. فمات

احتضر حلمه .. فمات

 عمان اليوم -

احتضر حلمه  فمات

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

لا يعرف كثير من المصريين، والعرب عموماً، المفكر السورى صادق جلال العظم الذى رحل عن عالمنا قبل أيام على سرير المرض فى أحد المراكز الطبية الألمانية. قليل يعرفونه، لأن أفكار التنوير الفكرى والثقافى لم تنتشر إلا فى أوساط اجتماعية محدودة فى العالم العربى الغارق فى تخلفه التاريخي.

الراحل الكريم هو صاحب أحد أهم الكتب التنويرية فى حفل الخطاب الديني، وهو كتاب «نقد الفكر الديني» الصادر عام 1970، والمتُرجم إلى عدة لغات عالمية، وصاحب أحد أهم الأصوات التى ارتفعت فور وقوع كارثة 1967 لتنَّبه على أنها نتيجة استبداد وفساد وجهل، وتدعو إلى الكف عن تعليق فشلنا على «شماعة» المؤامرات، والتوقف عن النظر إلى أنفسنا كضحايا قوى جباَّرة أو شريرة.

أمضى العظم حياته فى دفاع مستمر عن العقل الممنوع من أداء وظائفه فى منطقة لا تعرف له قيمة، ولكن الحكومات فيها تعرف أن دوره النقدى يكشف حقيقة انحيازاتها، وأوجه الخلل فى سياساتها، فضلاً عن أنها تؤدى إلى رفع مستوى الوعى العام بحق الشعب فى المساءلة والمحاسبة.

آمن الراحل الكبير بأن تجديد العقل العربى الغارق فى متاهات الخرافة هو السبيل إلى إنهاء حالة الاستعصاء على التقدم، والاستعداد للاستعباد. وكان شجاعاً فى مصارحة الجميع بأن هذا التجديد يرتبط بعلمنة المجال العام، ووقف استغلال الدين لأهداف سياسية.

لم يرضخ للابتزاز الذى تعرض له، والإرهاب الذى ترصده، وأصر على أن يكون واضحاً فى رسالته التى تفيد أن العلمانية ليست ضد الدين، بل مع مختلف الأديان والعقائد، ومع حقوق كاملة لمعتنقيها دون تمييز، ومع حياد سلطة الدولة تجاههم بوصفهم مواطنين لا رعايا.

ولم يمنعه تشاؤمه فى هذا المجال من أداء واجبه التنويري، مجسدا الحالة التى عبر عنها المفكر الإيطالى جرامشى فى فكرته عن تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة. ولم يبدأ فى تجاوز هذا التشاؤم إلا عبر تفاعله مع ثورات الربيع العربي. ولكن إحباط هذه الثورات أجهض حلمه الذى أخذ يحتضر أمامه إلى أن دخل فى غيبوبته النهائية، وتركنا نكمل هذا الحلم بعده.

فهل من ناشر مستنير يبادر بإعادة نشر بعض كتبه التى أثق أن إيمان وعمرو صادق العظم سيرحبان باتاحتها للقارئ المصري.

المصدر : صحيفة الأهرام

omantoday

GMT 07:07 2021 الخميس ,25 شباط / فبراير

جائزة تذَكًّر بمي غصوب

GMT 08:31 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

'أخلاق مُفترى عليها'

GMT 07:44 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

آفة الجمود

GMT 07:39 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

استعادة الفضاء الافتراضي

GMT 06:57 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

تسييس الرياضة دوليًا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتضر حلمه  فمات احتضر حلمه  فمات



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab