بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
تختلف الاجتهادات بشأن ما يمكن أن يحدث فى لبنان فى الأيام والأسابيع المقبلة، مثلما تتباين بخصوص ما جرى فى اليومين السابقين على إعلان رئيس الحكومة الشيخ سعد الحريرى استقالته المفاجئة السبت الماضى.
ورغم أن محاولة استشراف ما ينتظر لبنان تتطلب إزالة الغموض الذى يكتنف بعض جوانب هذه الاستقالة، يظل من الضرورى السعى إلى فهم المسار الذى يمكن أن تمضى فيه الأحداث بعد أن أنهت استقالة الحريرى التسوية الهشة التى أتاحت انتخاب الرئيس العماد ميشال عون، وتشكيل حكومة كان الأمل كبيراً فى أن يعمل كل أطرافها بروح العنوان الذى حملته، وهو حكومة وحدة وطنية. أصبح لبنان فى عين العاصفة التى بُذلت جهودا كبيرة على مدى سنوات لإبعاده عنها، تحت شعار تحييده تجاه الصراعات والمعارك التى تضرب المنطقة. وسيتبين حجم هذه العاصفة بناء على طبيعة التفاعلات السياسية الداخلية، والآثار الاقتصادية، إذا استبعدنا احتمال انفجار الوضع لأسباب خارجية، وهذا احتمال ضعيف الآن.وعلى المستوى السياسى الداخلى، يوجد خياران0 أولهما قبول استقالة الحريرى. وفى هذه الحالة سيكون من الصعب تعيين شخصية ذات وزن حقيقى فى الشارع «السُنى» فى منصب رئيس الحكومة، ولذلك قد يؤدى هذا الخيار إلى توتر داخلى لا تُحمد عقباه، أما الخيار الثانى فهو إبقاء الحكومة لتصريف الأعمال بدون رئيسها، واستبدال وزراء قد يستقيلون تضامناً معه، والخيار الثانى أقل تكلفة، ولكنه يثير سؤالاً عن إمكانات إجراء الانتخابات النيابية فى ظله.
أما على المستوى الاقتصادى، فهناك تقديرات متباينة لآثار استقالة الحريرى. البعض يخشى عواقب وخيمة مثل رئيس «اللقاء الديمقراطى» وليد جنبلاط الذى قال إن لبنان أضعف من أن يتحمل التبعات السياسية والاقتصادية للاستقالة. والبعض الآخر يبدو أكثر تفاؤلاً مثل رئيس جمعية مصارف لبنان جوزيف طربية. والأرجح أن التداعيات الاقتصادية ستتباين من قطاع إلى آخر. قد لا يكون هناك خطر على الاستقرار النقدى لوجود احتياطيات ضخمة فى المصرف المركزى، ولكن قطاعات أخرى قد تتأثر سلبياً. وفى كل الأحوال، سيواجه المجتمع اللبنانى اختباراً جديدا وكبيراًً لحيويته وقدرته على الصمود فى مواجهة أزمات خطيرة اجتازها منذ منتصف السبعينات.